بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس السادس من : سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل .
( بَابٌ ) :{ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ أَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ أَوْ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ أَوْ فَضْلَةَ طُهَارَتِهِمَا أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجِسٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ أَوْ شُكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ ، أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصَقَ أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ ، أَوْ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ}.
——————————————–
{يُرْفَعُ الْحَدَثُ} وهو: لغة الطروّ أي الوجود بعد عدم ، واصطلاحا: يقال لأربعة أشياء :1: صفة حكمية قائمة بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية ؛ 2: المنع المرتب على الأعضاء ؛ 3: الخارج المعتاد في الصحة ؛ 4: آداب الخارج اهـ
ونظم ذلك شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ -أطال الله عمره- بقوله:
ويطلق الحدث في العرف على = أربعة من المعاني تجتلى
يقال للمنـــع بـــلا امـــتــراء = أعني المرتب على الأعضاء
في (يرفع الحدث ) ذاك يظهر= هو مثاله الشهير الأشهر
وكونه للخارج المــعتـــاد = يقال في كتب الملاح باد
وقل لمن عن المثال يبحث = في الكتب ينقض الوضوء حدث
ولخروج خارج أيضا يقال = وإن ترد مثال ذاك فالمثال
لقولهم عنوان فصل قد بحث = فيمن قضى الحاجة آداب الحدث
كذاك أيضا كلهم ذو حكم = عليه أنه لــوصـــف حــكــمـــي
مقدر القيـــام بالأعضـــاء = قيام أوصــاف بلا امتــراء
حسية لقولهم ومنـــعـــــا = حدث الصــــلاة فلتستمــعـــا
وحملوا علـيه أيــضا يُرفع = حدث انتــهت معانٍ أربع
لحدث تأمل المعــــاني = تلك إذا ما كنت ذا إمعان اهـ.
{وَحُكْمُ الْخَبَثِ} وخص الحكم بالذكر لأن الخبث يزول بكل قلاع ، والحكم : هو الباقي بعد زوال العين ، ولا يزول إلا {بِـ} الماء {الْـمُطْلَقِ ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَـيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلاَ قَـيْدٍ} لازم من إضافة أو وصف ، فخرج بالقيد الأول ماء الرياحين والياسمين ، وخرج بالثاني الماء المضاف. وحده ابن عرفة بقوله: الباقى على أوصاف خلقته غير مستخرج من نبات ولا حيوان .اهـ وحده لا يشمل ما تغير بما لا يضره ،
قال السيوطي ناظما أفضلَ المياه :
وأفضل المياه ماء قد نبع==بـيـن أصـابــع الــنـبي الـمتبع
يـليـه زمـزم فـمـاء الـكـوثر==فنيـل مـصـر ثـم باقـي الأنـهر
ثم إنه يستثنى من المياه ماء آبار ثمود ، فلا يجوز الوضوء بمائها ولا الانتفاع به ؛ لا لنجاسته ، بل لأنه ماء قوم وقع بهم العذاب ، فربما يحصل للمستعمل آثار من ذلك العذاب –نسأل الله العافية- .
تنبيه: بئر الناقة التي كانت تردها لا منع فيها.
أوفى بن يحظيه بن عبد الودود :
أفـاد عج كـراهة الطهـر بـما==ثـمود والـمنــع لــغيـره انـتمى
واسـتثن من ذا الـخـلف بئر الناقةِ==وخـمسة الأمـيـال قـدر الـبقعـةِ
{وَإِنْ جُمِعَ} ذلك المطلق {مِنْ نَدًى} والندى المراد به : ما يقع على الأرض والشجر من البلل في آخر الليل.
تنبيه: اختُلف في تغير الماء من ورق الشجر حيث جمع من فوقه ، فقال علي الأجهوي والبناني : إنه لا يضر مطلقا تغير لونه أو طعمه أو ريحه ؛ لأن التغير بالقرار لا يضر مطلقا ؛ وقال ابن فجلة :إنه يضر مطلقا ؛ وقال الخرشي و الزرقاني : تغير ريح الماء لا يضر ، بخلاف اللون والطعم ا هـ .
ونظم ذلك العلامة أحمد فال بقوله:
بـنـاني والأجهوري ما تـغـيـرا=من مَا الــنـدى مــما عليه انتشرا
لـيس يـضـره على الإطـلاق=وخـالـف الـخـرش وعبد الباقي
في غير ريـح وابن فجـلـة يـرى= إطـلاق ضــره إذا تــغـيـرا
تذييل لبعضهم :
فبالقرار والمفارق يُرى==توجيه كل وكذا ما جاورَا
قول صاحب التذييل : “بالقرار” هو توجيه قول البناني والأجهوري ، وقوله : “والمفارق” هو توجيه قول ابن فجلة ، وقوله : “ما جاورا” هو توجيه قول الخرشي وعبد الباقي .
{أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ} أو ذوِّب بآلة ولم تغيره ، أو غيَّرته وكانتْ من جنس التراب. قال بعضهم:
وإن يُذَب بآلة جنس الثّرى==فمطلق وإن بها تغيّرا
وإن يُذب بآلة من غير==وغيّرت فلتحكمن بالضير
{أَوْ كَانَ سُؤْرَ} أي بقية شراب {بَهِيـمَةٍ} وإن حرم أكلها ، ولو جلالة (أي لا تتوقى نجسا) ما لم تغيره بلعابها. {أَوْ} سُؤر {حَائِضٍ أَوْ جُنُب} ولوكانا كافرين، أو شاربي خمر. ونسخة عطف جنب بالواو أولى من عطفه بأو ، {أَوْ فَضْلَةَ طُهَارَتِهِمَا} أي ما فضل من إناء تطهرا منه، وسواء نزلا في الماء ، أو اغترفا منه،{أَوْ كَثِـيراً} والمراد بالكثير : ما كان أزيد من آنية الغسل {خُـلِطَ بِنَـجِس} وأحرى بطاهر {لَـمْ يُغَيِّرْهُ } أي يغير أحد أوصافه ، وإلا سلب الطهورية {أَوْ} تغير تحقيقا لكن {شُكَّ في مُغَيِّرِهِ هَلْ} هو من جنس ما يضر كالطعام، أو من جنس ما لا {يَضُرُّ،} كالتراب ، فالأصل بقاؤه على الطهورية ، ولا ينتقل الماء عن أصله حتى يتحقق ما يؤثر فيه ، لقوله عليه الصلاة والسلام :{ خلق الله الماء طهورا }الحديث ، ومفهوم شك أنه لو ظن أن مغيره يضر مع الجزم بالتغير ، فإنه يعمل على الظن ولو لم يكن قويا {أَوْ تَغَيَّرَ بِـ}رائحة{مُـجَاوِرِهِ} المنفصل عنه ، كمسك بجانب ماء مثلا بل {وَإِنْ} تغير ريحه {بِدُهنٍ لاَصَقَ} سطح الماء ولم يمازجه ، وقال ابن عرفة : إن ظاهر الروايات أنه يضر وهو المعتمد .
والحاصل: أن التغير بالمجاور الملاصق يضر اتفاقا ، إن كان المتغير لونا أو طعما ،كان التغير بيّنا أو لا ، قل الماء أو كثر ، وفي تغير الريح خلاف والمعتمد الضرر ، وأما التغير بالممازج فيضر مطلقا باتفاق .
قال : محمد بن حمَّينَّ :
أما المجاور فذو انفصال == عن مائه أو هو ذو اتصال
واغتفرت رائحة من أولا == واللونُ والطعم فلن ينتقلا
وإن يكن ممازجا متصلا== فالماء للتطهير لن يحصلا
والخلف في ريح الذي قد لاصقا == وضر غيره عليه اتفقا
قوله: (غيره) في الشطر الاخير يقصد بها: اللون والطعم اهــ.
قال : الشيخ محمد حامد:
ليس الـمجـاور إذا لم يلتصق==يـضـر مـطـلـقا وضر إن لصق
في اللـون والـطـعـم بالاتفاق==كـالـريـح في معتمد الشقاق
ما لم يكن مـمـازجا واتـفقا==في ضــر ما مـــازج منه مطـلقا
{أَوْ} تغير ريحه {بِرَائِحة قَطِرَانِ} وهو ثمر شجر {وِعَاءِ مُسَافِرٍ،} بقيتْ فيه فلا تضر لحاجة أهل البادية إليه ، وكذا عند سند لو ألقي في الماء فظهر عليه ولم يتغير لونه ولا طعمه ، ولامفهوم للقطران عن غيره ، ولا للمسافر عن المقيم.
{أَوْ} تغير {بِـمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ،} كالطحلب، وهو: خضرة تعلو الماء من المكث ، ما لم يطبخ فيه، فإنه حينئذ يضر ، قال بعضهم:
الماء إن يطبخ وفيه الطحلب ==فسلبُه إطلاقَه قد أوجبوا
وكتب الفقير إلى الله الغني به ، عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونهم .
المصدر : تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ -حفظه الله ورعاه-.
بسم الله، الحمد لله
والصلاة على أشرف خلق الله،
السلام عليكم ورحمة الله؛
أما بعد فمن طالب علم محب لآل بيت رسول الله هلي الله عليه وعلى آلة وسلم يطلب منكم الدعاء والفتح والاستخدام في الطاعة إلى الشرفاء الصعيديين أهل المجد والفضل من امتن الله بهم على عباده و أجرى على أيديهم العلم اللدني والبر والإحسان، موجب أطلب منكم جميعا الدعاء، ادعوا الله يفقهني في دينه ويعصمني من الفتن.
وهذا الموقع مبارك من مباركين تبث فيه العلوم والتربية فجزاكم الله خير الجزاء وجازى عنا جدكم صلى الله عليه وسلم خير ما جازى نبيا عن أمته ورسولا عن أهل ملتة وحشرنا في زمرته وتحت لوائه وسقانا من حوضه الشريف شربة لا نظمأ بعدها أبدا، أمين ووالدينا وأشياخنا وجميع المسلمين.
والسلام كما بدأ يعود.
أمين…
جزا الله عنا… خيرا.. اللهم ارحم السلف و بارك فى الخلف
السلام عليکم بارک الله فيکم وجزاکم الله أحسن الجزاء آمين