بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس السابع من : سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل .
{أَوْ بِقَرَارِهِ كَمِلْحٍ . أَوْ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ . وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ تَرَدُّدٌ لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ : كَدُهْنٍ خَالَطَ ، أَوْ بُخَارِ مُصْطَكَى .وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ .وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرٍ بِحَبْلِ سَانِيَةٍ : كَغَدِيرٍ بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ ، أَوْ بِئْرٍ بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ }
——————————————–
{أَوْ بِقَرَارِهِ كَمِلْـحٍ.} وتراب وطين وكبريت ومغرة وشب بأرضه، وكذا تغيره بطول مكثه. {أَوْ}تغير{بِمَطْرُوحٍ }فيه من غير قصد كأن ألقته الرياح بل{وَلَوْ}طرح فيه {قَصْداً} خلافا للمازري {مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْـحٍ} أو غيرهما، صفة لمطروح. {وَالأَرْجَحُ} عند ابن يونس تبعا للقابسي {السَّلْبُ} أي سلب طهورية الماء {بِالْمِلْحِ.} المطروح قصدا. {وَفِي الاتِّفَاقِ عَلَـى السَّلْبِ بِهِ إِنْ صُنِعَ} من أجزاء التراب، وعدمه إن لم يصنع بأن كان معدنيا {تَرَدُّدٌ.} منشأه : أن الباجي جعل ما صنع كالطعام ، وغيره كالتراب ، فتردد بعضهم هل هو تفسير للقولين السابقين ، أم قول ثالث.
تنبيه: أنواع الملح أربع : معدني محل خلاف إن ألقي قصدا، وما صنع من أجزاء الأرض وهو محل التردد، وما صنع من الشجر يضر اتفاقا ، وما صنع من الماء وجمد لا يضر اتفاقا .
ونظم مسألة الملح شيخنا العلامة: الشيخ بن حَمَّ -حفظه الله ورعاه- بقوله :
وطرحك الملح بمــاء قصدا = فيه خلاف جاء عنهم يُحدا
فابن أبي زيد بلا ارتياب = يقول ذاك الملح كالتراب
والقابسي يقول كالطعام = وكل هذين من الأعلام
وما يقول القابسي الأمام = رجحه ابن يونس الهمام
وفصَّل الحبر الشهير الباجي = من لدياجي الجهل كالسراج
فكالطعام عنده إن يكن = ذا الملح مصنوعا بدا والمعدني
حكمُ التراب عنه لا ينفيه = فكل ما فيها يكون فيه
وجاء ممن بعد هؤلاء = في قولة الباجي خلاف جاء
فقيل تفسير لما لابن أبي = زيد وما للقابسي القرم الأبي
وقيل قول ثــــالــث لذين = فإن نقل بأول الفهمـــيــن
فالاتفـــاق منهم قد وقعا = إذاً على السلب بما قد صنعا
والمعدني الخلف فيه جار = يبقى وذا الخلف لدى الأخيار
من حيث قول المازرى الأواهِ = من كان في العلوم غير وَاهِ
تغيير ما طرح من أجزاء = الارض بقصد قاصد في الماء
يضره وقد أشار يا خليل = لذا بقوله ولو قصدا خليل
وإن نقل بآخر الفهمين = المتقدمين دون مين
فذلك الخلاف في المصنوع = وغيرِه إذ ذاك ذو وقوع
ولكلا الفهمين يا خليل = أشار في كتابه خليل
فقال فيه “وفي الاتفاق = على ” إلى باقي الكلام الباقي
وكل ذا قد ساقه الدسوقي = فكن مطالعا لذا المسوق
وحيث كان ذلك المطروح = بغير قصد طرحه يلوح
بمطلق فلا يزال مطلقا = ذا المطلق المطروح فيه مطلقا
سيان كان الملح معدنيا = أو كان يبدو صنعه جليا
وذا بالاتفاق في المذكور = على الذي ذكره الأجهوري
وذاك في ميسر الجليل = فانظره فيه واضح الدليل.
{لاَ} يرفع الحدث، وحكم الخبث {بِـ}ماء{مُتَغَيِّرٍ} تحقيقا أو ظنا ولو لم يكن بيِّنا {لَوْنًا أَوْ طَعْمًا} اتفاقا {أَوْ رِيحًا} على المشهور ، خلافا لابن الماجشون وخالف فيها سحنون أيضا {بِـمَا يُفَارِقُهُ غَالِباً} أي في أكثر الأزمنة ،بحسب عادة كل قوم ، فتغير أواني أهل البادية بالدهن لا يضر بعد الغسل ، وكذا تغير أواني أهل الحضر بالطعام ، وكان الصحابة يستعملون أوانيهم في الأكل والشرب والوضوء ، ذكره الحطاب . اهـ من الميسر.
قال بعضهم:
تغير الما في أوان الحضر==من بعد غسل بالطعام اغتفر
كذا تغير أوان الباديهْ==بلبن من بعد غسل الآنيهْ
والصحب من شأنهم استعمال==الاوان للأكل وطهرا قالوا
{مِنْ طَاهِرٍ أَوْ نَـجِسٍ}مثَّلَ لهما بقوله:{كَدُهْنٍ} طاهر، أو نجس {خَالَطَ،} أي مازج الماء.
تنبيه : تغير الماء بما يفارقه غالبا ودعت إليه الضرورة ، كحبل الاستقاء ، والدهن الذي يُصلح القربة ، فيه ثلاثة أقوال ذكرها ابن عرفة قيل : إنه طهور وهو لابن زرقون ، وقيل : ليس بطهور وهو لابن الحاج ، وقال ابن رشد : إن التغير الفاحش يضر ، وأما غيره فلا.
ونظم ذلك لمرابط محمد سالم ابن ألما بقوله:
تغير الماء بــــدهن مثــــلا==إصلاح قِربـــة لها قد جعــــلا
هل لا يضر مطلقا أو مطلـقا==يضر والتفصيل بعض حققا
ما ظهر التغيير فيه ضرا==وغير ما ظهر لن يضرا
فلابن زرقون عزي الأول==والثاني لابن الحاج فيما نقلوا
ولابن رشد ثالث الأقوال==أصحها بحسب الأنقـــــال
{أَوْ بُخَارِ}بضم أوله أي دخان {مَصْطَكَى،} وهو علك رومي يتبخر به ، يسمى بالحسانية “تيدكت”.
والمصطكى : بفتح الميم وضمها ، لكن مع الفتح يجوز المد والقصر ، أما مع الضم فالقصر متعين . ونظم ذلك بعضهم بقوله:
ومصطكى افتح ميمها واقصر ومد==وإن ضممت ميمها فلا تمد
{وَحُكْمُهُ} أي الماء{كَمُغَيِّرِهِ} فإن تغير بطاهر فطاهر ، أو بنجس فنجس . {وَيَضُرُّ بَـيِّنُ تَغَيُّرٍ} وهو الذي يظهر لأهل المعرفة، وغيرهم {بِحَبْلِ سَانِيَةٍ} وهي الدلو وأداته كما في القاموس ، وكذا كل وعاء يُخرج به الماء إذا كان من غير أجزاء الأرض ، فإن كان من أجزائها فلا يضر التغير به ولو بيِّنا .{كَغَدِيرٍ} تغير {بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ،} أو بولها، ولو غير بيّن ، فالتشبيه في مطلق التغير لا بقيد كونه بيّنا . {أَوْ بِئْرٍ} تغير ماؤها {بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ،} ولو غير بيّن أيضا ، ألقته الرياح فيها وسواء كانت بئر بادية أو لا {وَالأَظْهَرُ} عند ابن رشد {فِـي} تغير ماء {بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا} أي ورق الشجر والتبن {الـجَوَازُ} ولا مفهوم للبئر عن الغدير ولا للبادية عن الحاضرة ولا للورق والتبن عن غيرهما من الملازم الطاهر ، وإنما المدار على عسر الاحتراز.
واعترض علي المصنِّف –رحمه الله- نسبة هذا الحكم (وهو أن التغير بورق الشجر والتبن لا يضر في بئر البادية) لابن رشد مع أنه إنما تكلم في مسألة الخشب لا في الورق والتبن، فقد ذكر في نوازله : أنه سُئل عن : آبار الصحارى التي تدعو الضرورة إلى طيها بالخشب ، لعدم ما تطوى به سوى ذلك فيتغير لون الماء وريحه وطعمه من ذلك ، هل يجوز الغسل والوضوء به؟ فأجاب بأن ذلك جائز . ذكر ذلك الحطاب.
قال لمرابط محمد سالم بن ألما:
قــول المــصـنـف هـنــا والأظـهــر = تــرك فـيـه خمسـة سـتـظـهـر
خصص أهل البدو عن أهل الحضر = وذلك التخصيص غير معتبر
وخــصــص الـبـئـر ولـيس يُــعـلـم = تخصيصها عن الغدير فاعلموا
وأطــلق الـتـبـن وإن الـتـبـنـا = بالأغلــبـيـة لــديــهــم يُـــعـــنى
وقدم الضعيــف والظهور قد = نــسبه لغـــيــر مــن لـــه ورد.
وكتب الفقير إلى الله الغني به ، عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونهم .
المصدر : تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ -حفظه الله ورعاه-.
machalah jezellahou echia5ina 5ayren wewefa9ahoum we7avi8ahoum
ما شاء دروس قيمة ولا شك الحاجة لها كبيرة .
وفقهم الله وجازاكم الله خيرا
جزاكم الله عنا كل خير ما أشد فاقتنا لمثل هذا الموقع جعله الله في ميزان حسناتكم يوم القيامة
السلام عليکم جزاکم الله خيرا آمين