بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
قال شيخنا الشيخ علي الرضا حفظه الله و رعاه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بَانَتْ سُلَيْمَى فَهَاجَ البَينُ أَحزَانَا
وَقُطِّعَ الوَصْلُ حَتَّى كَانَ مَا كَانَا
كَيفَ التَّلاَقِي وَلاَ بِالغَوْرِ مَسكَنُهَا
هَيهَاتَ أَمْ كَيْفَ نَلقَاهَا وَتَلقَانَا
أَمْ هَلْ تُعَلِّلُنَا وَصْلاً عَلَى مَهَلٍ
تَشْفِي بِهِ مُستَهَامَ القَلْبِ صَدْيَانَا
حُيِّيتِ سَلْمَى فَلَيْتَ الدَّهْرَ يَجْمَعُنَا
وَلَيْتَ طَيفَكِ بَعْدَ النَّومِ حَيَّانَا
مَا أَنْسَ لاَ أَنْسَ أَيَّامًا لَنَا سَلَفَتْ
طَابَ الوِصَالُ بِهَا شَرْقِيَّ حَوْرَانَا
أَيَّامَ حَولَ سُلَيمَى رَاقَ مَنظَرُهَا
وَظَلَّ بَينَ جِنَانِ الحُبِّ مَسعَانَا
مَهْلاً سُلَيمَى فَإِنَّ الحُبَّ أَضْنَانَا
وَجْدًا وَأَضْحَكَنَا شَوقًا وَأَبكَانَا
مُنِّي عَلَيَّ بِوَصْلٍ كُنتُ آمُلُهُ
يَا أَطْيَبَ النَّاسِ أَعْطَافًا وَأَرْدَانَا
يَا لَيْتَ دَهْرَ لَيَالِي الوَصْلِ عَادَ لَنَا
وَلَيْتَ ذَاكَ الذِي نَهْوَاهُ يَهْوانَا
هَاجَ الغَرَامَ سُحَيْرًا ذِكْرُ غَانِيَةٍ
تَخَالُ فِي ثَغْرِهَا رَوْحًا وَرَيْحَانَا
حَورَاءُ فِي دَعَجٍ كَأَنَّ رِيقَتَهَا
خَمْرٌ مُعَتَّقَةٌ مِن خَمْرِ بَيْسَانَا
بَيْضَاءُ كَالشَّمْسِ حُسنًا حِينَ طَلْعَتِهَا
تُقَلِّدُ الجِيدَ يَاقُوتًا وَمَرْجَانَا
نَوَّامَةٌ بِالضُّحَى بِكْرٌ مُنَعَّمَةٌ
لَمْ تَلْقَ فِي عَيْشِهَا بُؤسًا وَنُقْصَانَا
إِذَا تَرَاءَتْ تُرِيكَ الثَّغْرَ مُبتَسِمًا
وَالفَرْعَ مُنسَدِلاً وَالسَّاقَ رَيَّانَا
قَد كُنتَ تَخْشَى عَلَيهَا البَينَ ذَا حَذَرٍ
لَكِنَّمَا الدَّهرُ يُبْدِي البَينَ أَحْيَانَا
حَانَ ارْعِوَاؤُكَ عَمَّا كُنتَ تَالَفُهُ
مِنَ التَّصَابِي وَتَركُ الغَيِّ قَد حَانَا
دَع عَّنكَ سُبْـلَ الهَوَى فَاللهُ أَلهَمَنَا
سُبْـلَ الرَّشَادِ وَدَاعِي الحَقِّ نَادَانَا
هَا نَحْنُ قُدَّامَ بَابِ المُصطَفَى حِلَقٌ
نُهْدِي لِحَضرَتِهِ مِنَّا تَحَايَانَا
هُوَ الرَّسُولُ الذِي فَاقَ الوَرَى وَدَعَا
بِدَعْوَةِ الحَقِّ إسْرَارًا وَإِعْلاَنَا
قَد نَالَ مَنزِلَةً مَا نَالَهَا بَشَرٌ
وَلَمْ يَدَعْ لِبِنَاءِ الشِّركِ أَركَانَا
ضَاءَتْ بِمَولِدِهِ الآفَاقُ وَازْدَهَرَتْ
وَأَصْبَحَ المَلأُ العُلْوِيُّ جَذْلاَنَا
ذَاكَ الرَّسُولُ الذِي بِاللهِ مُعتَصِمٌ
بِالحَقِّ مُتَّسِمٌ مَا مَانَ مَا خَانَا
هُوَ الأَمِينُ الذِي أَدَّى رِسَالَتَهُ
وَلَمْ يَخَفْ مِن بُنَاةِ الشِّركِ عُدوَانَا
مَا زَالَ يَدعُوهُمُ لِلحقِّ مُحتَسِبًا
وَالقَومُ تُظهِرُ إِعرَاضًا وَطُغيَانَا
حَتَّى بَدَا الحَقُّ فِي الآفَاقِ مُنتَشِرًا
وَأَصْبَحَ الكَونُ بِالإِسْلاَمِ مُزدَانَا
وَظَلَّ للحَقِّ رَايَاتٌ وَأَلْوِيَةٌ
عَمَّتْ مَنَافِعُهَا بُصرَى وَكَنعَانَا
تِلكَ الرِّسَالَةُ وَالمَامُونُ يَحمِلُهَا
وَاللهُ يُعطِيهِ تَصدِيقًا وَبُرهَانَا
أَتَى بِآيَاتِهِ الكُبْرَى فَأَعجَزَهُمْ
وَأَلْبَسَ الشِّركَ إِذلاَلاً وَخِذلاَنَا
قَد جَاءَ يَدعُو إِلَى الإِسْلاَمِ مُنفَرِدًا
يَتلُو عَلَينَا أَحَادِيثًا وَقُرآنَا
ظَلَّتْ مَآثِرُهُ فِينَا مُخَـلَّدَةً
وَلَمْ تَزَلْ لِلهُدَى خَتمًا وَعُنوَانَا.