بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس الحادي عشر من : سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل .
{ وَالْحَيُّ وَدَمْعُهُ وَعَرَقُهُ وَلُعَابُهُ وَمُخَاطُهُ وَبَيْضُهُ وَلَوْ أَكَلَ نَجِسًا ، إلَّا الْمَذِرَ وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَبَنُ آدَمِيٍّ إلَّا الْمَيِّتَ ، وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ .وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ إلَّا الْمُغْتَذِيَ بِنَجِسٍ ، وَقَيْءٌ ، إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ ؛ وَصَفْرَاءُ ، وَبَلْغَمٌ ؛ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ ، وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ ، وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ ، وَزَرْعٌ بِنَجِسٍ ، وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ}
——————————————–
{وَالْـحَيُّ} طاهر ولو تخلق من العذرة ، ولو كان إبليس لعنه الله .
قال شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي -حفظه الله وأطال عمره في صحة وعافية-:
الحي بالطهر موصوف ولو كانا==إذاك كلبا وخنزيرا وشيطانا
أو كان بالكفر يدعى والدسوقي روى==في الحي ذاك الذي بينت تبيانا
{وَدَمْعُهُ}لأن الصحابة –رضي الله عنهم- عندما تسيل دموعهم من الوعظ يمسحونها بثيابهم ويصلون بها.{وَعَرَقُهُ} لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى فرسا عريا (أي لا سرج عليه)، ولا يخلو غالبا من رشح.
العلامة أحمد فال:
يؤخذ من ركوب سيد الورى == مندوبا أشياء ثمان تقترا
طهارة العرق والنسال == جواز غاية لدى المقال
بدو فخذ مع من كالخاصة == كذا ركوبنا بلا بردعة
تبليغنا المركوب ما يطيق == كلام أجنبية يليق
من غير ريبة تكون ثما == كذا تعدينا لأمر عما
ومندوب هو : مهر لأبي طلحة –رضي الله عنه- قال بعضهم :
مهر أبي طلحة أي مركوب == نبينا البحرُ اسمه : مندوب
ومهر أبي طلحة هذا كان قبل ركوب النبي -صلى الله عليه وسلم- له بطيئا ، فصار ببركته صلى الله عليه وسلم سابقا لا يجارى.
{وَلُعَابُهُ} وهو ما سال من فمه ، في يقظة أو نوم ، ما لم يعلم أنه من المعدة بصفرته ونتونته فإنه نجس ، ويعفى عما لازم منه ، {وَمُخَاطُهُ} وهو ما يخرج من الأنف ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يمسحه من السبطين ويصلى. {وَبَـيْضُهُ}أمن سمه أم لا{وَلَوْ أَكَلَ}الحي {نَجِسًا} راجع للجميع ، والمعتمد أن ما تغير إلى صلاح طاهر كالبيض واللبن والعرق ، وما تغير إلى فساد نجس كزبل الجلالة.
المنهج :
وهل يأثر انقلابٌ كعرق == ولبن بول وتفصيل أحق
وذيَّله بعضهم بقوله:
ما آلَ للبول أو الرجيع == فنجس عدَّ من الممنوع
وغيرُه مما يكون مصلحهْ == فطاهرٌ والكل ذا قد رجحه
{إِلاَّ}البيض {الْـمَذِرَ} مذرت البيضة فسدت: أي صارت قيحا ودما ، أو صارتْ مضغة أو فرخا ميتا.
ابوه بن حبيب الله:
البيض طاهر على ما ذكرا == فيه أبو الضياء إلا المذرا
وهو ما عفن أو صار دما == أو مضغة أو ميت فرخ علما
أما الذي اختلط بالصفاره == بياضه فالأظهر الطهارة
{وَ}إلا{الْخَارِجَ بَعْدَ الْـمَوْتِ} من دمع وعرق ولعاب ومخاط وبيض ، ومحل نجاسة هذه الأمور حيث خرجت من حيوان ينجس بالموت ولم يُذَكَّ، وإلا فهو طاهر. {وَلَبَنُ آدَمِيٍّ} أي ومن الطاهر : لبن آدمي، ذكرا كان أو أنثى ولو كافرا {إِلا المَيِّتَ},هذا ضعيف والمعتمد أن لبنه بعد موته طاهر. {وَلَبَنُ غَيْرِهِ} أي غير الآدمي {تَابِعٌ}للحمه ، فإن كان الحيوان مباح الأكل فلبنه طاهر ، ولو أكل نجاسة على المشهور ، وإن كان محرم الأكل فلبنه نجس ، وإن كان مكروه الأكل فلبنه مكروه .
قال بعضهم:
ولبن الحمير للدواء == أجازه الإمام ذو اللواء
ومثل ذا في لبن الخيول == أو البغال قاله الجزولي
{ وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ } أي طاهران , صوابه بول و رجيع من مباح لأن العذرة تقال لفضلة الآدمي خاصة . {إِلاَّ الْـمُغْتَذِيَ بِنَـجِسٍ} تحقيقا أو ظنا ، ما دام في بطنه تحقيقا أو ظنا .{وَ}من الطاهر {قَـيْءٌ،} وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة {إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ} بأحد أوصاف النجاسة . {وَصَفْرَاءُ،وَبَلْغَمٌ} طبيعتان طاهرتان، والطبائع أربع: الصفراء، والبلغم، والسوداء، والدم. فالصفراء ماء أصفر ملتحم يشبه الزعفران يخرج من المعدة ، والبلغم هو المنعقد كالمخاط .
{وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ} ومرارة المكروه طاهرة مثلها .
محمدن ابن محبوبِ :
مرارة المكروه تشبه المباح==كما به الميسر الخضم باح
{وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ}فالدم منه ما هو طاهر اتفاقا كدم اللحم، وما هو طاهر على المشهور كدم القلب، وما هو نجس اتفاقا كالدم المسفوح، وما هو نجس على المشهور كدم الجوف.
محمد ابن حمِّينَّ:
وما إلى موضع ذبح ينتمي == فنجس بالاتفاق من دم
وما إلى الجوف على المشهور==بعكس ما في اللحم والصدور
{وَمِسْكٌ}وهو دم ينعقد في سرة غزال بالهند له نابان فهو طاهر.{وَفَأْرَتُهُ} : الفارة بالهمز وبدونه هي الجلدة التي يكون فيها المسك , قال المتنبي:
فإن تفق الأنام وأنت منهم == فإن المسك بعض دم الغزال
{ وَزَرْعٌ}سقي أو بذر{بِنَجِسٍ} لأن النابت غير الـمُنْبَت
وكل ما ينبت من زرع حرام == فهو حلال دون ريب يا همام
{وَ}من الطاهر {خَمْرٌ تَـحَجَّرَ} أي بنفسه أو بفعل فاعل ، أي صار حجرا بحيث لو بل لا يرجع للإسكار {أَوْ خُـلِّلَ.} أي بإلقاء شيء فيه كالخل والملح ونحوه . وسواء تخلل بنفسه ، أو خلل بفعل فاعل ، فقول المصنف فيه احتباك وهو: أن تحذف من كلٍّ نظيرَ ما ذكرته في الآخر ، فتقديره : “خمر تحجر أو حُجِّرَ أو تخلل أو خُلِّلَ” . وهذا بحيث لا يسكر ، لأن العلة تدور مع معلولها وجودا أو عدما.
( تنبيه ) : ليس من تخليله خلطه بماء أو لبن ، إذ لا خلاف أنه ينجس الطعام والماء .
إلى اللقاء في الدرس القادم .
كتبه العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب , كان الله في عونه
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه ، آمين
جزاكم الله خيرا وأدام علينا وعليكم نعمه