عبد الواحد ابن عاشر الفاسي (ت 1040هـ)
هو: الإمام ، العالم العلامة، الورع الناسك، أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي ابن عاشر الأنصاري نسباً، الأندلسي أصلاً، الفاسي منشأ وداراً، المعروف بابن عاشر الفاسي، وهو من حفدة الشيخ الشهير أبي العباس ابن عاشر السلاوي (ت765هـ).
ولد بمدينة فاس عام 990هـ/1582م، وسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب الطويل من فاس القرويين. بدأ تحصيل علومه بحفظ القرآن الكريم، فقرأه على يد الشيخ أبي العباس أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد الشيخ أبي العباس الكفيف، ثم على الشيخ أبي عبد الله محمد الشريف التلمساني(ت1052هـ)، كما أخذ الفقه عن جماعة من شيوخ عصره، أمثال: أبي العباس ابن القاضي المكناسي(ت1025هـ)، وابن عمه أبي القاسم، وابن أبي النعيم الغساني، وقاضي الجماعة بفاس علي بن عمران، وأبي عبد الله الهواري، وقرأ الحديث على العلامة محمد الجنان(ت1050هـ)، وعلى أبي علي الحسن البطيوي، وكان يتردد على الزاوية البكرية، فأخذ عن علمائها المبرزين، وحضر مجالس محمد بن أبي بكر الدلائي(ت1046هـ) في التفسير والحديث.
وبعد أن تضلع العلامة ابن عاشر في عدد من العلوم رحل إلى المشرق، فأخذ عن الشيخ سالم السنهوري(ت1015هـ)، وعن الإمام المحدث أبي عبد الله العزي، وعن الشيخ بركات الحطاب، وغيرهم، وحجّ سنة (1008هـ)، فالتقى بالشيخ عبد الله الدنوشري، وأخذ التصوف عن العالم العارف ابن عزيز التجيبي (ت1022هـ)، وعلى يده فُتِحَ عليه بسعة العلم والعمل.
ولابن عاشر رحمه الله مشاركة قوية في جل الفنون، وتبحر في عدد من العلوم، خصوصاً علم القراءات، والرسم، والضبط، والنحو، والإعراب، وعلم الكلام، والأصول، والفقه، والتوقيت، والتعديل، والحساب، والفرائض، والمنطق، والبيان، والعروض، والطب، وغيرها، وتذكر المصادر أنه تولى التدريس، والخطابة، وتشير إلى إقبال الطلبة عليه، ومن أبرزهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد ميارة (ت1072هـ)، وأحمد بن محمد الزموري الفاسي(ت1057هـ)، ومحمد الزوين (ت1040هـ)، وعبد القادر الفاسي (ت1091هـ)، والقاضي محمد بن سودة (ت1076هـ)، وغيرهم.
ومن أخلاقه رحمه الله التي اشتهر بها: الورع، والزهد، والجهاد ، والاعتكاف، والتواضع، وحسن الخلق، وكان لا يأكل إلا من عمل يده، مثابراً على التعليم، كثير الإنصاف في المباحثة، وكانت له سلاسة في التعبير، وحسن العرض لدروسه في القرويين، ومن أقواله المأثورة في الإجازة:«لو لم يجيزوا إلا لمن أتقن ما بلغنا شيء».
وعبارات العلماء في الثناء على مترجمنا كثيرة، منها قول أبي عبد الله الكتاني في “سلوة الأنفاس”:«الشيخ الإمام الكبير، العالم العلامة الشهير، الحجة المشارك، الورع الناسك، الخطيب المقرئ المجاهد، الحاج الأبر الزاهد، شيخ الجماعة بفاس ونواحيها».
ألف الشيخ ابن عاشر رحمه الله تآليف عديدة نافعة، في غاية التحرير والإتقان، بلغت أربعة عشر كتاباً، كان أهمها وأشهرها ، الذي سماه:«المرشد المعين على الضروري من علوم الدين»، وبه اشتهر وعرف، داخل فاس وخارجها، فاعتنى به الناس حفظا، وشرحا، وتعليقا، وختما، ومن تآليفه أيضاً:«شرح مورد الظمآن في علم رسم القرآن»، و«شرح على بعض مختصر خليل »، و«رسالة في عمل الربع المجيب»، و«تقييد على العقيدة الكبرى للسنوسي»، وغيرها.
توفي ابن عاشر رحمه الله عن عمر يناهز الخمسين سنة، يوم الخميس 3 ذي الحجة عام 1040هـ/ ، ودفن من الغد بأعلى مطرح الجنة، بقرب مصلى باب فتوح بفاس، وبني عليه قوس معروف غرب روضة يوسف الفاسي، بجوار السادات المنجريين.
مصادر ترجمته:
الدر الثمين والمورد المعين لمحمد ميارة:ص: (3)
صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر للصغير الإفراني: (124)،
نشر المثاني للقادري: (1/283)،
التقاط الدرر للقادري: (91)،
شجرة النور الزكية لمخلوف: (299)،
الفكر السامي: (2/327)،
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لأبي عبد الله الكتاني: (2/310-312)
معلمة المغرب: (17/5837-5838).