هو العلامة الصالح ذو الأنوار البهية والأسرار السنية القاضي أحمد بن محمد العاقل بن محنض بن الماح بن المختار بن عثمان، يلقبه الشيخ محمد المامي بعلامة المنكب البرزخي، تولى القضاء إلى أن توفي وهو مبرز في الفقه وعلم الكلام والمنطق والحساب والأسرار والنحو والبيان، وكان والده محمد العاقل عالما صالحا قال عنه العلامة والد ابن خالنا في مقدمة شفاء الغليل في شرح مختصر الشيخ خليل “معين والد”: “وربما تطفلت على قطب رحى مكانه، إنسان عين زمانه، المبرز الفائق لأقرانه، الفحل في العلم الجائل في ميدانه، شيخ شيوخنا محمد العاقل”.
وقال الشيخ أحمدُّ بن اسليمان ذاكرا بعض الرجال الصالحين من هذا الحي “إدابهم”:
بمن أنار ومن أم ومن نصرا==ذا الدين قهرا فهم ساداتنا الأمرا
بهم توسلت كي ما أن أنال منى==يغار منها جهارا كل من نظرا
واهتف بأشفغ عبد الله وانتخبن==سيد الأمين الولي بْن سيِّدي عمرا
فذاك بالأمر بالمعروف مشتهر==ما دام حيا وهذا خصص المطرا
والعاقل اندبه واذكر من مفاخره==شأن ابنه أحمد من صيته انتشرا
ولابن والدٍ امحمدْ ووالده==تنلْ منى يملأ الأسماع والبصرا
أخذ القاضي أحمد بن العاقل العلم عن أخته العالمة غديجة بنت محمد العاقل وكان دولة مع المختار بن بون والأمير المامي بن عبد القادر الفوتى، وأخذ السر عن ألف إبراهيم الفوتى بعدما سافر لطلبه ستة أعوام أو سبعة.
ومن أشهر من أخذ العلم عن العلامة أحمد بن العاقل تلميذه النابغة الغلاوي وقصته معه مشهورة يقول أحمد بن الأمين الشنقيطي في الوسيط: “سافر –النابغة الغلاوي- من أرض الحوض يريد من يصحبه ليتعلم عليه فكان كلما اجتمع بعالم وعرض عليه طلبه يسأله العالم: أي فن تريد أن تقرأ؟ فلا يراجعه الكلام بعد ذلك، حتى لقي العلامة الشهير ولي الله أحمد بن العاقل الديماني فقال له: مَشِّ، كلمة يقولها العالم للتلميذ إذا أمره أن يبتدئ في درسه، فألقى عصى التسيار عنده، وجعل يعله من معينه الجاري حتى تضلع منه”.
وقد رثى النابغه شيخه بأرجوزة بديعة أشطارها الأخيرة من الألفية يقول في أولها:
يا أسف الدين وكل عاقل== على وفاة شيخنا بن العاقل
قيد أوابد العلوم العاقل== شيخ الشيوخ أحمد بن العاقل
من ذا الذي من بعده يقول من== يصل إلينا يستعن بنا يعن
من ذا الذي إذا سألت الخبرا== حدث أنبأ كذاك أخبرا
لما نعوه وذكرت فضله== كلي بكى بكاء ذات عضله
وبت ساهرا بليل أليل== مروع القلب قليل الحيل
قلت لقلب مضمر أي جزع==فلا تكن جلدا وتظهر الجزع.. .
وإلى هذا يشير الشاعر المؤرخ المختار بن حامدن بقوله في ألفيته لأولاد سيد الفالِّ:
الحمد لله وبعد فالنــــــــــ==ـــــــــابغة زاد في البديع فنا
إذ ضمن الأعجاز من ألفيه==مقاصد النحو بها محويه
أحسن ذا الفاضلُ في ذا العاملُ==قولا فنعم ما يقول الفاضل
في الشيخ أحمد الرضا بن العاقل==من كان منه نيل خير نائل
وللعلامة أحمد بن العاقل مؤلفات منها شرح الكبرى للسنوسي وطرة على السلم المرونق للأخضري وفتاوى وأمالي كثيرة،
وكانت وفاته سنة: 1244ه يقول ببكر بن احجاب مؤرخا لها:
وشرمد وفاة نجل العاقل== أحمد وافر العلوم العاقل
من مثله في دهره لم يعقل== ولم يقل قولا وبعده قل.
ويقول باب بن أحمد بيب عاطفا على حرم بن عبد الجليل (ت 1243هـ):
وقبله بأشهر قلائل== مات الفقيه أحمد بن العاقل
حامي ذمار العلم في إكيدي== ومخرج الناس من التقليد.
ودفن في “امبمب” يقول المختار بن جنك في نظم مدافن “تشمش”:
محمد العاقل الاَسني المملي== بالغلفَ عند البئر ذات الرمل
ثم ابنه أحمد ذو المعارف== بالجوف والقرب لبير العارف
وأبناؤه هم: محمد فال ومحمذ وألمين وابن عفان وورثوا سر أبيهم أحمد الذي يقول فيه أحمد مسكه بن لمرابط:
وذكر أحمد يغني عن مناقبه==لأن أحمد عند الناس كالمثل.
انتهى من من كتاب جلب المصالح بزيارة السلف الصالح
تأليف: الأستاذ : محمدن بن امد بن أحمدُّ