بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
قال العلامة : ابن عاشر :
فصل وتحصل الطهارة بما = من التغير بشيء سلما
إذا تغير بنجس طرحا = أو طاهرٍ لعادة قد صَلُحا
إلا إذا لازَمَه في الغالب = كمغرةٍ فمطلق كالذائب
أخبر أن الطهارة تحصل بالماء الذي سلم من التغير بشيء من الأشياء أي النجسة أو الطاهرة ولذا نكر شيأ في قوله { من التغير بشيء … الخ } أي بحيث لم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه لا بطاهر كاللبن مثلا ولا بنجس كالبول مثلا,
ثم أفاد في البيت الثاني حكم ما إذا تغير ، فأخبر أن الماء إذا تغيرت أوصافه أو أحدها بنجس كالبول والخمر مثلا فإنه يطرح لنجاسته فلا يستعمل في العبادات: كالوضوء ولا في العادات: كالطبخ ، و إن تغيرت أوصافه أو أحدها بطاهر كاللبن والزيت مثلا فإنه يصلح للعادات دون العبادات .
ثم استثنى ـ في البيت الثالث ـ من التغير بطاهر ما تغير بما يلازمه ولا ينفك عنه غالبا كالماء المتغير بالمُغْرة (طين أحمر) والزرنيخ الجارى هو عليهما وكذا المتغير بالطُحلب وهو خضرة تعلو الماء لطول مكثه فإنه يستعمل في العادات والعبادات .
وحاصل المسألة أن الماء ثلاثة أقسام :
طاهر مطهر: وهو الذي لم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه بما يفارقه غالبا.
طاهر غير مطهر: وهو الذي تغير بطاهر كاللبن مثلا .
غير طاهر وغير مطهر : وهو الذي تغير بنجس كالبول مثلا.
الأول : يستعمل في العادات والعبادات
الثاني : يستعمل العادات دون العبادات
الثالث: لا يستعمل في العادات ولا العبادات.
ثم قال الناظم رحمه الله:
فصل فرائض الوضو سبع وهي = دلكٌ وفورٌ نيةٌ في بدئه
ولينو رَفع حدث أو مفترض = أو استباحةً لممنوع عرض
وغسلُ وجهٍ غسلُهُ اليدين = ومسحُ رأس غسله الرجلين
والفرض عم مجمع الأذنين = والمرفقين عم والكعبين
خلل أصابع اليدين وشعر = وجهٍ إذا من تحته الجلد ظهر.
اعلم أولاـ رزقنا الله و إياك العلم النافع ـ أن الوضوء مشتق من الوضاءة وهي النظافة
قال الشاعر
بيضاء تصطاد القلوب وتستبي = بالحسن قلب المسلم الوضاء
وهو في الشرع: تطهير أعضاء مخصوصة بالماء ويرتفع عنها الحدث لاستباحة العبادة الممنوعة.
وتعترى الوضوءَ أحكامُ الشرع قال شيخنا العلامة: الشيخ بن حَمَّ حفظه الله ورعاه :
يا قارئ الوضو الوضوءُ يجب = يباح يمنع يُسن يُندب
فللصلاة فرضا أو نفلا وجب = ومسِّ مصحفٍ طوافٍ وندب
لصاحب السلس مستحاضةِ = كذاك للقربة كالتلاوةِ
والعلمِ والذكر وكالدُّعاء = وللمخاوف بلا امتراءِ
مثل ركوب البحر والدخول = أيضا على السُّلطانِ في المنقول
كذا لنوم جنبٍ فيما اشتهر = و لعياض سُنَّ في الذي ظهر
تجديدَه امنعه لمن أرادهْ = إن يك لم يفعل به عبادهْ
وللتنظف وللتبرُّدِى = يباح عندهم بلا تردُّد
أفاد ذا ميسر الجليل = فانظره فيه واضح الدليل.
وبعد أن علمت ذالك فاعلم أن الناظم رحمه الله ذكر في الأبيات السابقة : أن فرائض الوضوء سبع ، ذكر في البيت الأول ثلاثا منها وهي:
الدلك: وهو إمرار اليد إمرارا متوسطا مع الماء أو بعده قبل جفاف الأعضاء والمراد بجفاف الأعضاء جفاف آخر لمعة من آخر مغسول .
والفريضة الثانية : الفور :ويعبر عنه بالموالاة وهي اتصال زمنه , والمشهور وجوبهما مع الذكر والقدرة ,
والفريضة الثالثة النية: وهي القصد المقارن للعبادة ومحلها عند الوجه كما هو السنة وإلا بأن نكس فعند أول مفروض.
وأشار الناظم رحمه الله في البيت الثاني وهو : ولينو رفع حدث …. الخ , إلى المنوي بها وهو أحد ثلاثة أشياء، أولها: رفع الحدث أي عن الأعضاء وهو المنع المرتب عليها ؛
والثاني: الفرض أي ينوى أداء الوضوء الذي هو فرض عليه والفرض هنا هو ما لا تصح العبادة إلا به , وهو أسلمها فيخرج عنه تجديد الوضوء ويدخل الوضوء للنوافل وكذا الوضوء قبل الوقت قاله الحطاب؛
والثالث: استباحة ما كان الحدث مانعا منه مما يتوقف على الوضوء كالصلاة ومس المصحف ونحوهما ؛
ثم ذكر الناظم رحمه الله في البيت الثالث وهو قوله: وغسل وجه …. الخ الفرائض الأربع الباقية ،
الفريضة الأولى منها وهي رابعة الفرائض : غسل الوجه: والوجه من منبت الشعر المعتاد إلى الذقن طولا وعرضا من الأذن إلى الأذن وأشار الناظم إلى حد الوجه عرضا بقوله : (والفرض عم مجمع الأذنين) أي في الوجه ،
ونبه الشيخ زروق على اشياء عند العامة يجب تركها وهذا نص قوله في شرحه على الرسالة : (وللعامة في الوضوء أمور منها صب الماء دون الجبهة وهو مبطل، ونفض اليدين قبل إيصال الماء للوجه وهو كذالك ، ولطم الوجه بالماء لطما وهو جهل لا يضر) اهــ
والفريضة الخامسة: غسل اليدين مع المرفقين على المشهور وعلى دخول المرفقين في الغسل نبه بقوله في البيت الرابع: (والمرفقين عم … الخ).
والفريضة السادسة: مسح الرأس: أي مسح جميع الرأس للرجل والمرأة وما استرخى من شعرهما ،
تنبيه: ذكر في النوادر أن شعر الصدغين من الرأس يدخل في المسح قال الباجي : يريد ما فوق العظم , وإليه أشار خليل بقوله: (بعظمي صدغيه)
قال بعضهم:
أيٌّ عظم بواجبين ومندو= بين مع سنة عن الغير خصا
وهو في أعظم الوضوء تراه = وعليه خليل في النص نصا
الفريضة السابعة: غسل الرجلين مع الكوعين وهو المشهور ونبه الناظم رحمه الله على دخول الكوعين بقوله في البيت الرابع: (والكوعين ) أي في الرجلين ,
وأشار الناظم في البيت الخامس وهو : (خلل أصابع اليدين … الخ) إلى أن أصابع اليدين يجب تخليلها على المشهور . وأما أصابع الرجلين فيندب تخليلهما و يجب إيصال الماء في اليدين و الرجلين
قال شيخنا العلامة : الشيخ بن حَمَّ حفظه الله ورعاه:
إيصال ماء في وضوئك لما = بين أصابع اليدين لزما
وهكذا أصابع الرجلين = فهي مثلها بدون مين
والخلف في الدلك أي التخليل = هل حتم أو يندب يا خليلي
وشهروا الوجوب في اليدين = والندبَ شهروه في الرجلين
والعدويَّ انظر مع الحطاب = تجد جميع ذا بلا ارتياب.
و أخبر أيضا أن شعر الوجه إذا بدتْ البشرة من تحته يجب تخليله.
وكان اعتمادي في هذه التدريس على تدريس شيخنا العلامة : الشيخ بن حَمَّ المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،جزاه الله خيرا ، ثم على الشرح الكبير للعلامة ميارة على هذا النظم .
وكتب العبد الفقير إلى ربه الغني به عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه وجميع المسلمين.
السلام عليکم جزا کم الله خيراوتقبل الله مناومنکم صالح الأعمال