اعداد الأستاذ عبد الله بن محمدن بن أحمدُّ
الله المستعان
قال الحسن ول زين:
وجاء ثالثها مطاوعا ويجي = مغن لزوما ونقلا عن بنا فعلا
قوله ثالثها يعني به فعِل بالكسر لأنه هو الثالث في ترتيب بيت ابن مالك المتقدم,عند قوله , بفعلل الفعل ….الخ
والمطاوعة هي: حصول فعل قاصر عن أثر فعل آخر متعد ,أو تأثير فعل في ملاقيه في الاشتقاق , يعني أن فعِل بالكسر تاتي دالة على مطاوعة فعل لآخر ملاق له في الاشتقاق ,قال في الطرة :كجدَعْتُه فجدِع بالكسر وشتَر الله عينه فشتِرتْ{ فقوله جدِع وقوله شتِرتْ كلاهما مطاوع لما قبله }والفعل المطاوَع هنا فعَل بالفتح,والشَّتر انقلاب جفن العين,وقد ياتي دون الملاقي{أي دون ان يُذكر الفعل المطاوَعُ الملاقي له في الاشتقاق}كقوله تعالى : ((إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا)) ,{فهنا ذكر الفعل المطاوِع فقط,}.
قوله : و يجي مغن لزوما ونقلا معناه أن فعِل بالكسر تغني أي تنوب اغناءً لزوميا عن فعُل بالضم وذالك في يائي اللام كحَيِي وعَيِي ,ولزوميا لأن فعُل لا تأتى يائية كما تقدم ,وتغني اغناءً غير لزومي وإنما هو بالنقل فقط عن العرب ، وسبب كون الاغناء غير لزومي هنا ولزومي هناك اي في اليائيات هو أن فعُل بالضم تاتي واوية اللام ولا تاتي يائية اللام,كما تقدم ,والذي يقع فيه الاغناء نقلا هو صحيح اللام منها,كسمِن و معتلها بالواو كقوِي بمعنى متُن ونقِي بمعنى نظُف, وأصلهما قوِوَ ونقِوَ فقلبت الواو ياءاً لتطرفها,والدليل على النيابة هنا هو أن الافعال المذكورة كلَّها سجايا, ومن حقها أن يكون فعلها فعُلَ بالضم ,ونابت عنها فعِل بالكسرهنا ,كما أن الوصف من هذه الأفعال على فعِيل و فيْعل وهما أخوان وكل منهما يكون اسمَ فاعلِ فعُل بالضم
وفعَل بالفتح أيضا ينوب عن فعُل بالضم في المضعف لأن فعُل لا ياتي مضاعفا كما تقدم في قوله تضعيف ثان …..الخ ,وذالك كجلَّ وعزَّ وشحَّ وشبههم من أفعال السجايا التي من حقها أن تكون بفعُل بالضم,كما تنوب عنه أيضا في يائي العين كطاب فهو طيِّب ولان فهو ليِّن لما علمت قبلُ من أن فعُل لا ياتي يائي العين ,قال في الطرة:مغن لزوما في يائي اللام كحيي وعيي وغني لشدة الثقل,كما ناب عنه فعَل بالفتح في المضعف :جلَّ وعزَّ وذلَّ وعفَّ وخفَّ ورقَّ و دقَّ وفي اليائي عينا كطاب لذالك وهن بالفتح للآتي,ونائبات كاليائيات لان الكل سجايا ووصفها على فعيل و فيعِل أخيه كطيِّب هـ قوله لذالك أي لشدة الثقل .وقوله وهن بالفتح للآتي أي أن هذه الأفعال فعَل بالفتح لأن آتيَها أي مضارعها بالكسر وذالك قياس فعَل بالفتح لا غيرها كما ياتي وقوله كاليائيات أي في النيابة عن فعُل, و قوله ونقلا قال في الطرة: كقوِي قوةً ونقِي نقاوةً وسمِن سمنًا للوصف ولأنها بمعنى متُن ونظُف وشحُم.ثم قال
والطبعُ واللَّونُ والأعراضُ جاء لها = وللجسامةِ فالتقصيرُ فيه عَلاَ
يعني ان فعِل بالكسر تاتي للدلالة على الطبع أي السجية وهي: معنى قائم بالفاعل ملازم له, قال في الطرة كشنب وفلج وحول قال في القاموس الشَّنَبُ مُحَرَّكَةً : ماءٌ ورِقَّةٌ وبَرْدٌ وعُذُوبَةٌ في الأَسْنانِ أو نُقَطٌ بيضٌ فيها أو حِدَّةُ الأَنْيابِ, والفلج تباعُدُ ما بَيْنَ الأَسْنانِ, وهو أفْلَجُ الأَسْنانِ , والحَوَلُ محرَّكةً : ظُهورُ البَياضِ في مُؤْخِرِ العينِ ويكونُ السَّوادُ من قِبَلِ الماقِ أو اقْبالُ الحَدَقَةِ على الأَنْفِ أو ذَهابُ حَدَقَتِها قِبَلَ مُؤْخِرِها أَو أن تكونَ العَيْنُ كأنما تَنْظُرُ إلى الحَجَاجِ أو أن تَميلَ الحَدَقَةُ إلى اللِّحَاظِ وقد حَوِلَتْ وحالَتْ تَحالُ واحْوَلَّتِ احْوِلالاً . ورجُلٌ أحْوَلُ وحَوِلٌ ككَتِفٍ . وأحالَ عَيْنَه وحَوَّلَها : صَيَّرَها حَوْلاءَ . والحِوَلاءُ كالعِنَباءِ والسِيَراءِ ولا رابعَ لها وتُضَمُّ . وتاتي فعِل كذالك للدلالة على اللون قال في الطرة ,كشهِب وكهِب ودكِن .والدكنة بالضم لون يضرب الى السواد.
وتاتي كذالك للدلالة على الأعراض ,وهي جمع عرض بالتحريك ,وهومعنى قائم بالفاعل غيرملازم له كمرض ,وفرح ,وبطر, كماتاتي للدلالة على الجسامة, وهي كِبَر الأعضاء كجَبِه أي كبرتْ جبهته, وذَقِن كبر ذِقنه,قال في الحضرمي وأما كبر الاعضاء فهو مما لا مادة له أصلية كما سبق في رباعي هذا النوع , قال في الطرة:وقد تشارك فعُل بالضم كأدُم وسمُر وعجُف وحمُق ورعُن ,ومعنى المشاركة أن فعِل المكسور قد تشارك فعُل المضموم في فعْلٍ واحد بمعنًى واحدٍ فيكون في ماضي ذالك الفعل, لغتان, فعُل بالضم وفعِل بالكسر, وذالك لاشتراكهما في الدلالة على النعوت اللازمة, كرحِب المكان ورحُب اتَّسع, وهنِئ الشيء وهنُؤ فهو هنيئ أي بلا مشقة ,ورطِب الشيء ورطُب بالضم فهو رطْبٌ ,ضد اليابس, وقد عدَّ في فتح الأقفال منها خمسين مثالا فيها اللغتان.
وقوله فالتقصير فيه علا أي أن فعِل بالكسر تارة ترد قاصرة أي لازمة وتارة ترد متعديةً إلا أن ورودها لازمة أكثرُ, وذكر في فتح الأقفال منها مائة وعشرين مثالا قاصرة وأربعين متعدية, قال في الطرة فالتقصير أي عن المفعول علا على التعدي أي غلبه .ثم قال:
وصوغُ أوَّلها مما يناسبهُ = من اسم عينٍ لمعنًى كالأخيرِ جلاَ
قوله أولها يعني به فعلل قال في الطرة :وأخرها للجمع مع النظير.هـ يصاغ من أسماء الاعيان المناسبة له في كونها رباعية الأصول قال في الطرة مجردة أم لا وذالك للدلالة على معنى من المعاني الآتية وقال الحضرمي قال في التسهيل إن من أقسام الرباعي قسما مشتقا من أسماء الاعيان للمقاصد أي للمعاني التي ذكرها(أي ابن مالك) وليس مادةً أصليةً فمعرفة هذا القسم متوقفة على معرفة تلك الأسماء وكذالك الأخير الذي هو فعَل بالفتح يصاغ هو الآخر من اسماء الاعيان التي تناسبه, في كونه ثلاثي الأصول, قال في الطرة مجردا أم لا,للدلالة على معنى معين سيذكره فيما ياتي وقوله جلا رويت بالجيم أي ظهر ورويت بالحاء أي حلا في أفواههم والمعاني المذكورة بالنسبة للأول اشار اليها بقوله
فاعملْ به وأصبْ مع الأخير وخذْ = انلْ بذا مفردًا تمرتُهُ نُزُلاَ
قال في الطرة أي جئ به دالا على عمل ما صيغ منه كقمْطَر عمل قمطراهـ ومعنى ذالك أن فعلل ياتي للدلالة على عمل الاسم الذي صيغ هو منه كقَمْطَر الكتب أي عمل لها قِمَطرا وهو وعاء تحفظ فيه فقمطر(فعلل)وهنا صيغت من الاسم الذي هو قِمَطر وذالك للدلالة على عمل هذا الاسم أي صنعه فقمطر أي عمل قمطرًا ومثلها قرْمَص الصُّرَد .أي عمل قوموصا,أي حفرة واسعة الجوف ضيقة الرأس يستدفئ بها ,والصرد اسم لطائرقال الشاعر:
جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا = ياويح كفي من حفر القراميص
قوله وأصب قال في الطرة أي جئْ به دالا على إصابة ما صيغ منه كغلصمه {إذا أصاب غلصمته }وعرقبه {أصاب عرقوبه} و كإصابتة إصابة به {ويكون حينئذ آلة}كقحزنه أصابه بقحزنة أي عصا و عرجنه أصابه بالعرجون وعرفصه أصابه بِالعرفاص وهو السوط ,فقوله مع الأخير أي أن فعَل تشارك فعْلل فيهما أي العمل والاصابة ,وامثلة فعَل أشار لها في الطرة قال كبأر بئرا وعصد عصيدا اي {عمل بئرًا وعمل عصيدا}وكرآه أي أصاب رئته وكلاه أصاب كليته وعضده أي أصاب عضده ،ومن الملاحن أن تقول لمن بلغته مساعدتك عدوه ما عضدته. {ولحن له أي قال له قولا يفهمه هو وحده ويخفى على غيره}فيفهم أنك لم تساعده و أنت تقصد أنك لم تصب عضده .الطرة وكإصابته إصابة به كرمحه وعصاه أي أصابه بالرمح وأصابه بالعصى ، وكعمله عمل له كنملته النملة وكلبه الكلب وبعضه البعوض
وينفرد الاخير الذي هو فعَل عن الاول الذي هو فعْلَلَ بالدلالة على الأخذ والإنالة,قال في الطرة عند قوله مفردا: عن الاول في الأخذ والإنالة فالأول الذي هو الأخذ كثَلثْتُ المال الى عشرته, وهي كنصر إلا حلقيها, فعلى القياس, وكخصاه وقلب النخلة أي أخذ قَلبها بالفتح والضم أي جُمَّازها أوسعفها اهـ قوله كثلثت المال أي أخذت ثلثه قوله إلى عشرته أي أن ذالك واقع في أفعال الاعداد من ثلاثة إلى عشرة كربعته وخمسته وهكذا الى عشَرْتُه أي اخذت عُشُره وقوله وهي كنصر أي أن مضارعها بالضم إلا حلقيها وهو ما لامه حرف حلق كربَع وسَبع وتَسع فالقياس في مضارعه الفتحُ كما ياتي
والثاني وهو الانالة ,كتمرته ولبنته ولحمته اي ناولته التمر وناولته اللبن وناولته اللحم قال الشاعر
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما = لحم من القوم معفور خراد يل
قال:
اذا نحن لم نقري المضاف ذبيحة = تمرناه تمرا أو لبناه راغيا
وفي اللسان أضفْته وضيَّفته أنزلتَه عليك ضيفا ,ولذالك قيل هو مُضاف وضِفتَ الرجل ضيفاً وتضيفتَه ,نزلت به ضيفا ,وقيل صرت له ضيفا ,فقال المضاف هو المُنزَل ضيفا والمُضيف بضم الميم مُنزِله ضيفا والمَضيف بفتح الميم هو المَنزول به ضيفا من ضافه وهو ثلاثي كباع فهو مبيع
وإلى الدرس القادم إنشاء الله
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم