بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس العاشر من سلسلة دروس ألفية ابن مالك و أحمرار المختار بن بونه
إعداد الأستاذ : محمد عال بن أمد بن أحمدُّ
الباب الثالث من أبواب النيابة
إعراب جمع المذكر السالم
وارفع بواو و بيا اجرر وانصب=سالم جمع عامر و مذنب
وشبه ذين و به عشرونا = وبابه ألحق و الأهلونا
أولو و عالمون علييونا=و أرضون شذ و السنونا
وبابه ومثل حين قد يرد=ذا الباب و هو عند قوم يطرد
ذكر قسمين يعربان بالحروف وهما الأسماء الستة والمثنى وقد تقدما ،ثم ذكر في هذه الأبيات القسم الثالث وهو جمع المذكر السالم وما ألحق به وإعرابه بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا وأشار بعامر ومذنب إلى ما يجمع هذا الجمع وهو قسمان علم وصفة
فيشترط في العلم أن يكون لمذكر عاقل وأن يكون خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب فلا يقال في نحو رجل رجلون نعم إذا صغر جاز ذلك لأنه وصف نحو رجيل و رجيلون وخرج بمذكر زينب فلا يقال زينبون وخرج بعاقل لاحق علم فرس فلا يقال لاحقون وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك فلا يقال في طلحة طلحون وأجاز ذلك الكوفيون وكذلك إذا كان مركبا فلا يقال في سيبويه سيبويهون وأجازه بعضهم
ويشترط في الصفة كذلك أن تكون لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث فخرج بمذكر حائض وخرج بعاقل صاهل وخرج بخالية من تاء التأنيث ما فيه تاء التأنيث نحو ربعة وأشار المصنف إلى العلم الجامع للشروط التي سبق ذكرها بقوله عامر فإنه علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب فيقال في جمعه عامرون وإلى الصفة الجامعة للشروط بقوله مذنب فإنه صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث فيقال في جمعه مذنبون
قال لمرابط محمد سالم ول ألما:
مذكر وعاقل وخال = خرج بها تسعا على التوالي
هند و شذقم وما كطلحة= وحائض وصاهل وربعة
كذا حُريب وجميل وزد= عيينة تمت بلا تردد,
وأشاربقوله وشبه ذين إلى شبه عامر وهو كل علم مستجمع للشروط كمحمد وإبراهيم فتقول محمدون وإبراهيمون وإلى شبه مذنب وهو كل صفة اجتمع فيها الشروط كالأفضل والضراب فتقول الأفضلون والضرابون وأشار بقوله وبه عشرون إلى ما ألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه بالواو رفعا وبالياء جرا ونصبا.
وجمع المذكر السالم هو ما سلم فيه بناء الواحد ووجد فيه الشروط السابقة فما لا واحد له من لفظه أوله واحد غير مستكمل للشروط فليس بجمع مذكر سالم لكن قد يلحق به في الإعراب فعشرون وبابه وهو ثلاثون إلى تسعين ملحق بجمع المذكر السالم لأنه لا واحد له من لفظه إذ لا يقال عشر وكذلك أهلون ملحق به لأن مفرده وهو أهل ليس فيه الشروط لأنه اسم جنس جامد كرجل وكذلك أولو لأنه لا واحد له من لفظه ،و عالمون: جمع عالم وعالم كرجل اسم جنس جامد ، و عليون اسم لأعلى الجنة وليس فيه الشروط لكونه لما لا يعقل و أرضون جمع أرض وأرض اسم جنس جامد مؤنث والسنون جمع سنة والسنة اسم جنس مؤنث فهذه كلها ملحقة بالجمع المذكر لأنها غير مستكملة للشروط
وأشار بقوله: “وبابه” إلى باب سنة وهو : كل اسم ثلاثي حذفت لامه وعوض عنها هاء التأنيث ولم يكسر كمائة و مئتين وثبة وثبين وهو كثير فإن كسر كشفة وشفاه لم يستعمل كذلك إلا شذوذا كظبة فإنهم كسروه على ظباة وجمعوه أيضا بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا فقالوا ظبون وظبين.
قال لمرابط محمد سالم ابن ألما :
باب سنين حده اللذْ علما= إن أنت قد نظرته يخرج ما
كزينب وتمرة وعدة=وكيد واسم وبنت شفة
لكثرة الحروف والتمام=والحذف أي للفاء لا للام
وعدم التعويض أو تعويض ما=لم يك هاء وكتكسير السما
شذت إوزة أضاة ولده=أب كذا ابن ظبة و واحده
لم تدخل الشذوذ وهي بنت= ورتبن جميع ما بينت
وأشار بقوله: “ومثل حين قد يرد ذا الباب” إلى أن سنين ونحوه قد تلزمه الياء ويجعل الإعراب على النون فتقول هذه سنين ورأيت سنينا ومررت بسنين وإن شئت حذفت التنوين وهو أقل من إثباته واختلف في اطراد هذا والصحيح أنه لا يطرد وأنه مقصور على السماع ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف) في إحدى الروايتين ومنه قول الشاعر:
دعاني من نجد فإن سنينه … لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا
الشاهد فيه: إجراء سنين مجرى الحين في الإعراب بالحركات وإلزام النون مع الإضافة
ثم إن إعراب سنين وبابه إعراب الجمع المذكر السالم هو لغة أهل الحجاز وعلياء قيس وأما بعض بني تميم وبني عامر فيجعل الاعراب بحركات ظاهرة على النون ويلتزم الياء في جميع الأحوال ، وهذا ما أشار إليه بقوله: “ومثل حين” وقد تكلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذه اللغة يدعو على المشركين من أهل مكة (اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف) وقد روى هذا الحديث برواية أخرى على لغة عامة العرب (اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) فإما أن يكون عليه الصلاة والسلام قد تكلم باللغتين مرة بهذه ومرة بتلك، لان الدعاء مقام تكرار للمدعو به، وهذا هو الظاهر وإما أن يكون قد تكلم بإحدى اللغتين ورواه الرواة بهما جميعا كل منهم رواه بلغة قبيلته، لان الرواية بالمعنى جائزة عند المحدثين، وعلى هذه اللغة جاء البيت المتقدم:
دعاني من نجد …الخ
كما جاء قول جرير:
أرى مر السنين أخذن مني … كما أخذ السرار من الهلال
وقول الشاعر:
ألم نسق الحجيج سلي معدا … سنينا ما تعد لنا حسابا
وقول الآخر:
سنيني كلها لاقيت حربا … أعد مع الصلادمة الذكور
ومن العرب من يلزم هذا الباب الواو ويفتح النون في كل أحواله فيكون
إعرابه بحركات مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل، ومنهم من يلزمه الواو ويجعل الاعراب بحركات على النون كإعراب زيتون ونحوه،
ومنهم من يجري الاعراب الذي ذكرناه أولا في جميع أنواع جمع المذكر وما ألحق به، إجراء له مجرى المفرد، ويتخرج على هذه اللغة قول ذي الاصبع العدواني:
إني أبي أبي ذو محافظة …. وابن أبي أبي من أبيين
ويجوز في هذا البيت أن تخرجه على ما خرج عليه بيت سحيم الآتي: وماذا تبتغي الشعراء مني … وقد جاوزت حد الأربعين
فتلخص من هذا أن في سنين وبابه أربع لغات وأن في الجمع عامة لغتين
طرر الابيات وتعليقات عليها
(وارفع بواو) نيابة عن الضمة، (و بيا اجرر) نيابة عن الكسرة، (وانصب) نيابة عن الفتحة (سالم جمع عامر ومذنب) ويسمى هذا الجمع جمع المذكر السالم لسلامة بناء واحده، والمجموع على حد المثنى لأن كلا منهما معرب بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة.
(وشبه ذين) من كل علم أو صفة أو مصغر لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث، ويشترط في العلم: الخلو من التركيب على التفصيل السابق. ومن الإعراب بحرفين. وفي الصفة: قبول التاء، أو الدلالة على التفضيل، وشذ قوله:
منا الذي هو ما إن طر شاربه = و العانسون ومنا المرد والشيب
وقوله:
فما وُجدت نساء بني تميم =حلائل أسودين و أحمرينا
ويستثنى مما فيه هاء التأنيث ما كان علما من الثلاثي المعوض من لامه أو فائه هاء التأنيث ، ما لم يكسر قبل العلمية تكسيرا يعرب بالحركات، أو يعتل ثانيه: كدية. (وبه عشرونا وبابه) إلى التسعين (ألحق) في الإعراب، (و الأهلونا و وابلون) لأن أهلا و وابلا ليسا علمين ولا صفتين، ولأن وابلا لغير العقلاء قال تعالى: { شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} وقال:
تلاعب الريح بالعصرين قصطله= والوابلون وتهتان التجاويد
(اولو) وهو اسم جمع ذي بمعنى صاحب، وقيل جمعه على غير لفظه، (وعالمون) وهو اسم جمع عالم وهو لأصناف الخلق العقلاء، وغيرهم وفاقا لأبي الحسن، لا جمعه وفاقا لابن مالك، وما سمي به من هذا الجمع، وما ألحق به: كالزيدون علما (وعليونا) وهو اسم لأعلى الجنة، وقيل لديوان الخير الذي دون فيه ما عملته الملائكة و صلحاء الثقلين، ويجوز في هذا النوع أن يجري مجرى غسلين وعربون وهارون ويحتملهما قوله:
طال ليلي وبت كالمجنون =واعترتني الهموم بالماطرون
ولك أن تلزمه الواو وفتحَ النون كقوله:
ولها بالماطرونَ إذا=أكل النمل الذي جمعا
خُرفة حتى إذا ارتبعت=ذكرت من جــلق بيعا
(و أرضون) بفتح الراء ولا يسكن إلا في الضرورة كقوله:
لقد ضجت الأرضون إذ قام من بني … سدوس خطيب فوق أعواد منبر
شذ لأنه جمع تكسير، ومفرده مؤنث بدليل أُريضة، (والسنونا وبابه) وهو كل اسم ثلاثي حذفت لامه وعوض عنها هاء التأنيث ولم يكسر تكسيرا يعرب بالحركات نحو: عضة وعضين وعزة وعزين وثبة و ثبين وإرة وإرين وقلة وقلين، قال تعالى: { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}, { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} ,{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} وشذ إضون وإوزن وإحرون ولدون ورقون وحشون وأبون وأخون وبنون وظبون. (ومثل حين) في لزوم الياء والإعراب بالحركات الظاهرة على النون منونة، وفي الحديث (اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف)، وقال:
دعاني من نجد فإن سنينه= لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا
وقوله: وكان لنا أبو حسن عليٌّ= أبا برا ونحن له بنينُ
(قد يرد ذا الباب وهو عند قوم يطرد) في جمع المذكر السالم، وما ألحق به، وخرج عليه قوله:
رب حي عرندس ذي قباب =لا يزالون ضاربين القباب
التعليقات
قوله: ويستثنى مما فيه هاء التأنيث … الخ فالمعوض من فائه: كعدة وزنة، والمعوض من لامه: كثُبة وسَنة
أصل سنة سنو أو سنه لقولهم في الجمع سنوات و سنهات وفي الفعل سانيت وسانهت فأصل سانيت بالواو قلبوه ياءً حين جاوزت متطرفة ثلاثة أحرف، وأصل عضة: عضو من العضو واحد الأعضاء أي أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء أي مفرقًا، يقال: عضيته وعضوته تعضية أي فرقته تفرقة. قال ذو الرمة:وليس دين الله بالمعضى
أي بالمفرق لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه أو عضه من العضة وهو البهتان، والعضه أيضًا السحر في لغة قريش: قال الشاعر
أعوذ بربي من النافثات … في عقد العاضه العضه
النافثات جمع نافثة من النفث وهو البصق اليسير و العاضه الساحر والعضه مبالغة العاضه
وأصل عزة وهي الفرقة من الناس عزو،
وأصل أرة وهي موضع النار أرى، وأصل ثبة وهي الجماعة ثبو وقيل: ثبي من ثبيت أي جمعت والأول أقوى وعليه الأكثر لأن ما حذف من اللامات أكثره واو. وأصل قلة وهي عودان يلعب بها الصبيان قلو، ولا يجوز ذلك في نحو تمرة لعدم الحذف وشذ إضون جمع إضاة كقناة وهي الغدير، وحرون جمع حرة، وإحرون جمع أحرة، والأحرة الأرض ذات الحجارة السود، وأوزون جمع أوزة وهي البطة، ولا في نحو عدة وزنة لأن المحذوف الفاء، وشذ رقون في جمع رقة وهي الفضة، ولدون في جمع لدة وهي التراب، وحشون في جمع حشة وهي الأرض الموحشة. ولا في يد ودم لعدم التعويض ولا في نحو اسم وأخت لأن المعوض غير الهاء إذ هو في الأول الهمزة وفي الثاني التاء. وشذ بنون في جمع ابن وهو مثل اسم، ولا في نحو شاة وشفة لأنهما كسرا على شياه وشفاه. وشذ ظبون في جمع ظبة وهي حد السهم والسيف فإنهم كسروه على ظبي بالضم وأظب ومع ذلك جمعوه على ظبين.
قوله: اسم لأعلى الجنة الخ قال الصبان في حاشيته ما نصه: (وعلى هذا التفسير يحتاج إلى تقدير مضاف في قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُوم} أي محل كتاب. وفي الكشاف أنه اسم لديوان الخير الذي دوّن فيه كل ما عملته الملائكة و صلحاء الثقلين وعلى هذا يكون كتاب في قوله: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار} مصدرًا بمعنى كتابة مع تقدير مضاف أي كتابة أعمال الأبرار.)
قوله لأنه جمع تكسير ومفرده مؤنث بدليل أُريضة قال الصبان وبدليل :{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}
قوله <ويجوز في هذا النوع أن يجري مجرى غسلين> أي في لزوم الياء والاعراب بالحركات الظاهرة على النون منونة
قوله <وعربون> أي في لزوم الواو والاعراب بالحركات الظاهرة على النون منونة
قوله <وهارون> أي في لزوم الواو والاعراب بالحركات الظاهرة على النون غير منونة للعلمية وشبه العجمة
قوله وخرج عليه قوله:
رب حي عرندس ذي قباب =لا يزالون ضاربين القباب
مقابل التخريج أن أصله ضاربين ضاربي القباب فحذفت النون للاضافة فبقي ضاربي ثم حذف أيضا وبقي المضاف إليه مجرورا، أو نفس القباب و حذف أيضا، أو للقباب ثم حذفت اللام وبقي عملها أو أصله القبابي بيائي النسب فحذفت إحداهن ونقص بالأخرى
مم ول عبد الحميد:
بضاربين للقباب أول=والجر بعد لامه لم يحل
او ضاربي من ضاربين ابدل=مضيفه إلى القباب تعدل
والجر في القباب لم ينتقل=من بعد حذف ذا المضاف الاول
او نفسا المضاف للقباب=او في القباب ياء الانتساب.
قوله ذي طلال الطلال بالفتح الحالة الحسنة .