بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس الخامس من سلسلة دروس كتاب المرشد المعين على الضروري من علوم الدين للعلامة عبد الواحد ابن عاشر رحمه الله تعالى
قال الناظم رحمه الله:
وَيَجِـبُ اسْتِبْراءُ الاَخْـبَــثَـــيْـن مَعْ = سَلْـتِ وَ نَتْرِ ذَكَرٍ والشَّدَّ دَعْ
يعنى أنه يجب على قاضي الحاجة استبراء الأخبثين ، والاستبراء : استفراغ ما في المخرجين ، بحيث لا يقوم حتى لا يبقى شيء يتهيأ للخروج .
و الأخبثان :بالثاء المثلثة من الخبث الذي هو النجس ، والمراد بالخبث هنا البول و الغائط. ثم إن الإحساس بعدم بقاء شيء يتهيأ للخروج كاف في الغائط ، أما في بول الذكر فيزاد على ذالك السلت و النتر الخفيفان . قال العلامة ميارة في شرحه الكبير مبينا كيفية السلت و النتر : (فيأخذ ذكره بيسراه و يجعله بين سبابته و إبهامه و يمرهما من أصله إلى آخره ، و النتر: بمثناة فوقية ساكنة ) اهـ.
( والشد ) فيهما ( دع ) لأنه يرخي المثانة ، وربما أبطل الإنعاظ.
تنبيه: قال اللخمي :مَنْ عادته احتباس البول فإذا قام نزل منه وجب أن يقوم ثم يقعد.
ثم قال رحمه الله:
وَجَازَ الاسْتِجْمَارُ مِنْ بَوْلِ ذَكَرْ = كَغَائِـطٍ لاَ مَـا كثيراً انْتَشَرْ
يعنى أن الاستجمار بالحجر ونحوه يجوز : أي يكفى في بول الذكر و في الغائط ، ما لم ينتشر ذلك المذكور من البول و الغائط عن المخرج كثيرا فلا بد فيه حينئذ من الاستنجاء بالماء ، كما لابد منه في بول المرأة ، ولذا قال “من بول ذكر” فأخرج بهذا القيد بول الأنثى, و أما الغائط فهي كالذكر فيه.
والاستجمار : هو مسح المخرج من الأذى بجامد حجرا كان أو غيره ، وهو مأخوذ من الجمار وهي الحجارة الصغيرة و قيل من الاستجمار بالبخور والجمر، لأنه يطيب المحل كما يطيب البخورُ.
والاستنجاء: هو إزالة النجاسة الخارجة من المخرجين أو من أحدهما بالماء المطلق ، قال القاضي عياض : إنه مأخوذ من نجوت العود إذا قشرته ، فكأن المستنجي يقشر ما على المحل من الأذى ، وقيل مأخوذ من النجا وهو التخلص، لأن الإنسان يتخلص به من درن المحل.
فــــــــرائـــض الغــــــــــــسل:
قال الناظم رحمه الله:
فصلٌ فُروضٌ الغسلِ قَصْدٌ يُحْتَضَرْ = فَوْرٌ عُمومُ الدَّلْكِ تَخْليلُ الشَّعَرْ
اعلم أوَّلاً أن الغَسل بالفتح اسم للفعل و بالضم اسم للماء ، عكس المختار في الوضوء .
فرائض الغسل كما أخبر الناظم -رحمه الله- أربعة :
أولها النية:وعبر عنها بالقصد وإنما وصفه بيحتضر أي يطلب حضوره عند الشروع في الغسل لأن المطلوب أن تكون النية مصاحبة للمنوي.
وينوي المغتسِل إن كان الغسل واجبا رفعَ الحدث الأكبر أو استباحةَ الممنوع أو الفرضَ كالوضوء المتقدم ؛
والثاني الفور: و هو الموالاة ,كما تقدم في الوضوء ، فيجب مع الذكر والقدرة ويسقط مع العجز و النسيان على أحد القولين المشهورين ؛
و الثالث الدلك: أي تعميم الجسد كله بالدلك, والدلك هنا كالوضوء ، وقد تقدم بعض الكلام على الدلك في الوضوء فراجعه إن شئت. الرابع تخليل الشعر: كثيفا أو خفيفا من قرن إلى قدم .
ولما كان في الجسد مواضع ينبو عنها الماء نبه عليها بقوله:
فَتَابِـعِ الْخَفِـيَّ مِثْـلَ الرُّكْبَتَيْنْ = وَالإِبْطِ وَالرّفْغِ وَبَيْنَ الأَليَتَيْـنْ
“مثل الركبتين” على حذف مضاف أي مثل طي الركبتين ، وكذا قوله:”والإبط” أي تحت الإبط ، و الرفغ هو: أصل الفخذ من المقدم ، و الأليتين ( بفتح الهمزة ): الوركين.
ثم نبه رحمه الله على مسألة مهمة وهي ما إذا عسر على المغتسل إيصال يده لبعض جسده ،فقال : وَصِـلْ لِمـا عَسُرَ بالْمِنْديـلِ = وَنَحْوِهِ كَالْحَبْـلِ والتَّوْكِيـلِ
يعنى أن المغتسل يدلك بيده فإن لم تصل يده لبعض جسده دلكه بخرقة أو حبل أو نحوهما أو استناب غيرَه على دلكه ممن تجوز له مباشرته كالزوجة مثلا ، و قيل ما لم تصل إليه يده يسقط وجوب دلكه وهو المعتمد،
قال العلامة امحمد بن أحمد يورَ:
وما من الجثمان تقصر اليد = عنه فترك دلكه مؤيَّد
فاصبب عليه مطلقَ الماء فقط = فالشيء كلما تعذر سقط.
الجُثمان : البدن. وكان اعتمادي في هذا التدريس على تدريس شيخنا العلامة : الشيخ بن حَمَّ المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،جزاه الله عنا خيرا ، ثم على الشرح الكبير للعلامة ميارة على هذا النظم .
وكتب العبد الفقير إلى ربه الغني به عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، ورحم الله عبدا قال آمين.