درسنا اليوم هو الدرس الثالث عشر من سلسلة دروس ألفية ابن مالك مع احمرار المختار ابن بونَ
إعداد الأستاذ محمد عال بن أمد بن أحمدُّ
الله المستعان
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
الباب الرابع من أبواب النيابة
إعراب الجمع المؤنث السالم
تمهيد
لما فرغ من الكلام على ما تنوب فيه الحروف عن الحركات شرع فيما تنوب فيه حركة عن حركة وهو قسمان: أحدهما: جمع المؤنث السالم نحو : مسلمات، والسالم احترازا عن جمع التكسير وهو ما لم يسلم فيه بناء واحده نحو هنود وأشار إلى ذلك ابن مالك بقوله:
وما بتا وألف قد جمعا = يكسر في الجر وفي النصب معا
أي ما جمع بالألف والتاء المزيدتين فخرج نحو قضاة فإن ألفه غير زائدة بل هي منقلبة عن أصل هو الياء لأن أصله قضية، ونحو أبيات فإن تاءه أصلية وكل منهما جمع ملتبس بالألف والتاء وليس مما نحن فيه لأن دلالة كل منهما على الجمع بالصيغة فاندفع بهذا التقرير الاعتراض على المصنف بمثلهما فالمراد منه ما كانت الألف والتاء سببا في دلالته على الجمع كهندات ولا يحتاج إلى أن يقول بألف وتاء مزيدتين لان الباء في قوله بتا متعلقة بقوله جمع.
وحكم هذا الجمع ان يرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة نحو جاءني هندات ورأيت هندات ومررت بهندات فنابت فيه الكسرة عن الفتحة وزعم بعضهم أنه مبني في حالة النصب وهو فاسد إذ لا موجب لبنائه
تنبيه: لم يذكر الناظم علامة رفع هذا الجمع لأنه بالضمة على الأصل كما قالوا قلت: ويرد عليه ذكره لعلامة النصب فيحتاج لتوجيه آخر
ثم شرع ابن بونه فيما يقاس فيه هذا الجمع وما لا يقاس فقال
وقسه في ذي التا وما لن يعقلا =مصغرا أو صفة أو مسجلا
فيما كهند والذي كصحرا =لا ما كحمراء ولا كسكرى
إلا إذا لاسمية قد نقلا= والنقل في غير الذي مر اقبلا
يعني أن الجمع بالألف والتاء يقاس في خمسة أنواع ما فيه تاء التأنيث مطلقًا كفاطمات، ومصغر مذكر مما لا يعقل كدريهم ، ووصف مذكر غير عاقل نحو{أيام معدودات}، وعلم مؤنث لا علامة فيه كزينب
وهذا معنى قوله :وقسه في ذي التا وما لن يعقلا=مصغرا أوصفة أومسجلا
فيما كهند……………………
وما فيه ألف التأنيث ممدودة كصحراء وعذراء مما لا مذكر له ممدودا أو مقصورا كحبلى لا ما كان على فعلاء أفعل كحمراء ولا ما كان على فعلان كسكرى إذا سمي بهما وهذا ما أشار له بقوله :
…………والذي كصحرى=لاما كحمراء ولاكسكرى
إلا إذا لاسمية قد نقلا=…………………………..
ويقتصر فيما عدا الخمسة على السماع كسموات وأرضات وسجلات وحمامات وثيبات وشمالات وأمهات
وهذا ما أشار إليه بقوله :
……………………………=والنقل في غير الذي مر اقبلا
ونظمها الشاطبي فقال:
وقسه في ذي التا ونحو ذكرى… ودرهم مصغر وصحرا
وزينب ووصف غير العاقل …وغير ذا مسلم للناقل
قال ابن مالك
كذا أولات والذي اسما قد جعل = كأذرعات فيه ذا أيضا قبل
يعني أن أولات تجرى مجرى جمع المؤنث السالم في أنها تنصب بالكسرة وهي ملحقة به في هذا الاعراب وليست منه لأنها لا مفرد لها من لفظها.
ثم أشار بقوله والذي اسما قد جعل إلى أن ما سمي به من هذا الجمع والملحق به نحو أذرعات ينصب بالكسرة كما كان قبل التسمية به ولا يحذف منه التنوين نحو هذه أذرعات ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات هذا هو المذهب الصحيح وفيه مذهبان آخران أحدهما أنه يرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة ويزال منه التنوين نحو هذه أذرعاتُ ورأيت أذرعاتِ ومررت بأذرعاتِ والثاني أنه يرفع بالضمة وينصب ويجر بالفتحة ويحذف منه التنوين نحو هذه أذرعات ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات ويروى به قوله:
تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عالي
بكسر التاء منونة على المذهب الأول وبكسرها بلا تنوين على المذهب الثاني وبفتحها بلا تنوين على المذهب الثالث.
الباب الخامس من أبواب النيابة
وجر بالفتحة ما لا ينصرف = ما لم يضف أو يك بعد أل ردف
أشار بهذا البيت إلى القسم الثاني مما ناب فيه حركة عن حركة وهو الاسم الذي لا ينصرف وحكمه أنه يرفع بالضمة نحو جاء أحمدُ وينصب بالفتحة نحو رأيت أحمدَ ويجر بالفتحة أيضا نحو مررت بأحمدَ فنابت الفتحة عن الكسرة هذا إذا لم يضف أو يقع بعد الألف واللام فإن أضيف جر بالكسرة نحو مررت بأحمدكم وكذا إذا دخله الألف واللام نحو مررت بالأحمد فإنه يجر بالكسرة
طرر الابيات والتعليقات
الباب الرابع من أبواب النيابة
{وما بتا وألف} مزيدتين بخلاف قضاة وأبيات، {قد جمعا يكسر في} حالة {الجر وفي} حالة {النصب معا} معربا فيهما خلافا للأخفش في حالة النصب، وأجاز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقا وهشام فيما حذفت لامه، ولم ترد إليه كسمعت لغاتَهم وقوله:
فلما جلاها بالأُيَام تحيزت= ثباتا عليها ذلها واكتئابها
وليس الوارد من ذلك واحدا مردود اللام خلافا لأبي علي.
{وقسه في ذي التا} مطلقا كفاطمات وطلحات وسنبلات وبنات ويمتنع في ألفاظ جمعهن المرادي بقوله:
في شفة أمة شاة مع امرأة= وقُلة لا يجوز الجمع بالتاء
{وما لن يعقلا} حال كونه {مصغرا}كجميل وجبيل {أو صفة} كدريهمات جيدات وجبال راسيات وأيام معدودات. {ومسجلا}.أي مطلقا
{فيما} كان علما لمؤنث. {كهند}وسلمى وعفراء {والذي} أنث بألف ممدودة {كصحرا}ء وعذراء مما لا مذكر له ممدودا أو مقصورا كحبلى. {لا ما} كان على فعلاء أفعل {كحمراء ولا} ما كان على فعلى فعلان {كسكرى}.
{إلا إذا لاسمية قد نقلا} حقيقة كسكرى وحمراء علمين، أو حكما كبطحاء. {والنقل في غير الذي مر اقبلا} كأرضات وسماوات وضفدعات وسجلات وحمامات وسرادقات وإصطبلات.
{كذا أولات} وهي اسم جمع ذات بمعنى صاحبة. {والذي اسما قد جعل} من هذا الجمع {كأذرعات} وعرفات {فيه ذا} الإعراب {أيضا قبل} على اللغة الفصحى، وبعضهم يترك تنوين ذلك، وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف وروي بالأوجه الثلاثة قوله:
تنورتها من أذرعات وأهلها =بيثرب أدنى دارها نظر عالي
الباب الخامس من أبواب النيابة:
وجر بالفتحة ما لا ينصرف= ما لم يضف أو يك بعد أل ردف
أي تبعها، فيجر بالكسرة نحو (في أحسن تقويم) (وأنتم عاكفون في المساجد) أو بدلٍ منها كقوله:
أإن شمت من نجد بريقا تألقا= تبيت بليل أم أرمد اعتاد أو لقا
وهل لا يسمى حينئذ منصرفا مطلقا، أو يسماه مطلقا أو إن زالت إحدى علتيه خلاف.
التعليقات:
قوله :”معربا عليهما”خلافا للأخفش لأن أصله السكون عنده فحرك لالتقاء الساكنين وكسر لأجل تمام التخلص منه الدماميني وهي دعوى فاسدة ولم يقم عليها دليل لأنه لم يشبه الحرف فيبنى ولأنه إن بني بني في الأوجه الثلاثة.
قول: “وأجاز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقا” أي سواء لم تحذف لامه كهندات أوحذفت وردت كسنهات اوحذفت ولم ترد كثبات .
قوله: “وهشام فيما حذفت لامه” لمشابهته للمفرد حيث لم يجر على سنن الجموع من رد الأشياء إلى أصلها
قوله :”وليس الوارد من ذلك واحدا مردود اللام خلافا لأبي علي” أي القائل أن لغات ونحوه كثبات مفرد لا جمع حذفت لامه، والرد عليه من ثلاثة أوجه الجمع بين العوض والمعوض منه ، وكون ثبات معربا بالكسر نيابة عن النصب في قوله تعالى: { فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} وبأن النحل لايطير ثبة واحدة بل ثبات وهذا من جهة المعنى
تتميم قوله ويمتنع في ألفاظ جمعها المرادي بقوله
في شفة أمة شاة مع امرأة=وقلة لايجوز الجمع بالتاء
أي والألف
زاد الروداني وأمة بالضم والتشديد وملة وقيل تجمع شفة على شفهات أو شفوات وأمة على أموات أو أميات.
قوله :”على اللغة الفصحى” نظرا إلى أصله لأن أصله جمع.
قوله: “وبعضهم يترك تنوين ذلك” ليجمع مراعاة أصله وحاله.
قوله: “وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف” مراعاة لحاله لأنه علم مؤنث قال محمذ فال ابن متال:
قل باعتبار الحال والاصل وكل=توجيه ما بأذرغات قد قبل
قوله: “وجر بالفتحة” فعل ماض وتشهد له السوابق، أو أمر وتشهد له اللواحق.
قوله :”أو بدلها” الخ. قال في التسهيل: ما لم يصحب الألف واللام أو بدلهما يعني الألف والميم في لغة أهل اليمن كقول الشاعر:
تبيت بليل أم أرمد اعتاد أو لقا
قوله: “وهل لا يسمى حينئذ منصرفا مطلقا” بناء على أن الصرف التنوين وهو اختيار جماعة ويدل له قول الناظم الآتي إن شاء الله تعالى :الصرف تنوين أتى مبينا الخ…
قوله: “أو يسماه مطلقا” بناء على أنه ظهور الجر وذهب إليه جماعة منهم المبرد و السيرافي وابن السراج.
قوله: “أو إن زالت إحدى علتيه” لأن السبب في الصرف شبهه للفعل وذلك حاصل بالعلل فإن زالت إحدى العلل سمى منصرفا كما في مررت بأحمدكم زالت العلمية بالإضافة وإن بقيت مع الإضافة وأل فلا يسمى منصرفا كما في (أحسن تقويم) (وأنتم عاكفون في المساجد) بقيت الوصفية ووزن الفعل في الأول وبقي وزن مفاعل في الثاني
المرادي :والتحقيق أنه إن زالت إحدى علتيه بالإضافة أو أل فمنصرف نحو مررت بأحمدِكم وإلا فغير منصرف نحو: مررت بأحسَنِكم ولبيان ذلك موضع هو أليق به المفهوم من قوة كلامه في النظم أنه باق على منع صرفه
الاشموني :واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه إذا زالت منه علة فمنصرف نحو بأحمدكم، وإن بقيت العلتان فلا، نحو بأحسنكم
و الله أعلم