درسنا اليوم هو الدرس السابع من سلسلة دروس لامية الأفعال مع احمرار ابن زين
إعداد الأستاذ عبد الله بن محمدن بن أحمدُّ
الله المستعان ما شاء الله لا قوة إلا بالله
لما أنهى ابن مالك الكلام على فعُل المضموم وفعِل المكسور وذكر قياس مضارعهما شرع في الكلام على فعَل بالفتح وعلى قياس مضارعها وهي ستة أقسام ،
الأول : ما القياس فيه الكسر أي لعين المضارع ، والثاني ما القياس فيه الضم كذالك, والثالث: ما القياس فيه الفتح كذالك، ولكل من الكسر والضم والفتح دواع و جوالب تقتضيهم و سنذكرها في محالها إن شاء الله .
أما القسم الرابع: فهو ما اشتهر فيه الضم دون داع. والخامس: ما اشتهر فيه الكسر دون داع. والسادس : ما اشتهر فيه الضم و الكسر معًا دون وجود داع يقتضيهما ,وهذه الجوالب والدواعي المذكورة قد عناها بعضهم بقوله
الكسرعن أربعة قد لاحا … واتضح الضم كذا اتضاحا
واثنان جالبان الانفتاحا … كلاهما كان له متاحا
ودواعي الكسر و جوالبه اربعة أولها: كون الفاء واوً بشرط كون الفعل غير حلقي اللام وذالك كوعد, وكون العين ياءً كباع , ,وكون اللام ياء كذالك كأتى, رابعها ما كان الفعل فيه مضعفا لازما واليها أشار الناظم بقوله
………………. وأدم == كسرا لعين مضارع يلي فعَلا
ذا الواو فاءً أواليا عينا أو كأتى == كذا المضاعف لازما كحن طلا
أي أدم الكسر لعين المضارع حال كونه واوي الفاء أو يائي العين أو اللام لكنه اكتفى بالمثال فقال: “كأتى” أو كان مضاعفا لازما كحن
.قال في طرة البيت مع بعض الزيادات والتوضيحات
وأدم كسرًا لِعين مضارع يلي فعلا ذا الواو فاءً غير حلقي اللام كوقف يقف، ووثب يثب، و وقب الظلام يقب :دخل، و وعد يعد، وإلا فسيأتي كوضع يضع، و وجأ يجأ، و وزع يزع، وهو أي الحلقي، بالفتح لا غير ولم يشذ منه إلا وضَحَ يضِح بالكسر.
أو اليا عينا ولو حلقي اللام كيجيء ويبيع،وقاء يقيء، وشاب ، وغاب، وطاب، ولم يشذ منه شيء وأما طاح يطوح ويطيح فواوية يائية.
اوكان الياء لاما، غير حلقي العين،. كأتى ه يأتيه وهداه يهديه،وأنى يأْني أي حان ومنه (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا)وأنَى الماء يأني انتهى حره, وشذ يأباه في يأبيه، وإلا بأن كان حلقي العين فسيأتي كسعى ورعى ورأى ونهى , وليس فيه إلا الفتح وشذ منه بغاه يبغيه ، و يأبيه بالكسرعلى الاصل وفي اللسان, ابن جني قالو أبى يأْبى وانشد ابوزيد
يا إبلي ما ذامُهُ فتأبِيَّهْ … ماءٌ رواء ونصِيٌّ حوْلِيَهْ
فقد جاء بها هنا على وجه القياس كأتى يأتي وهدى يهدي وفي الدماميني, وسُمع في أبَى الكسرُ حكاه صاحب المحكم وأورده المصنف في تأليفه الكبير. وأما كناه يكنيه و يكنوه فواوية يائية قال:
وإني لأكنو عن قذورَ بغيرها … وأعرب عنها مرة فأُصارح
كذا المضاعف لازما كحن طلا: بفتح الطاء ولد الظبي والشاة الصغير وغيرهما من ذوات الظلف ,يحِن ، وأن يئن، وفيه شذوذ سيأتي.
ثم شرع في ذكر دواعي الضم وهي اربعة كذالك وهي كون المضاعف منها أي فعل معدًّى كمده يمده, وكون عينه واوً كقال، وكون لامه واوً كدعى، وكونه دالا على غلبة المفاخر كسابقني فأنا أسبُقُه وبدأ بذكر المضاعف فقال
وضم عين معداه. أي المضارع الاتي من المضاعف المعدى المفتوح العين كصب الماء يصبُّه وعبَّه يعُبُّه شربه من غير مص,
ويندر ذا ==كسر كما لازم ذا ضم احتملا
ومعنى ذالك أنه يندر مجيء مضارع فعَل حال كونه مكسور العين كنُدرة مجيء اللازم منه حال كونه ذا ضم, وشبه كثرة كسرعين المعدى بندرة ضم اللازم إشارة الى قلة ما شذ منه أي المعدى وكثرة ما شذ من الآخر. ثم قال الحسن ابن زين
وفي الصحاح انبناء الضم فيه على=لمح التعدي لذاك اللمح قد نقلا
ذكر الجوهري في كتابه الصحاح أن الضم لا ياتي في المضاعف اللازم إلا للمح التعدية أي ملاحظته ونقل ذلك التعدي لإتضاح ذالك اللمح حال كونه فردا من غير جواز وجه آخر ، وذلك في تسعة أفعال فقط ,
وهذه طرة البيت مع بعض الزيادات وفي الصحاح كما ذكر الحضرمي كلام مفاده أن انبناء: أي مجيء الضم لامُه عهدية ٌ فيه على لمح التعدي لـاتضاح ذاك اللمح قد نقلا الضم حال كونه فردًا لا كسر معه بتسعة أفعال، وهي قوله
فردا بذَبَّ ونصَّ غضَّ حفَّ به = وحطَّ عقَّ و صفَّ منَّ لا حللا
: ذب عنه، ونص عليه، غض من بصره { يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} ، حف به أحدق، { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ }، وحط بالمكان: نزل، وبالخاء: كتب، عق عن ولده ذبح، وصف القوم: قاموا صفوفا، { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا }. منَّ عليه: أنعم، {فمنَّ الله علينا}. لا يكون عاشرَ التسعة حللا: أي حل بالمكان: نزل، كما للحضرمي؛ لأنه ذكر كسره عند قول المصنف: “محل من نزلا” ، ولأن في القاموس حل المكانَ وبه يحُل ويحِل،وفي الصبان أن حل ثلاثية, حلَّ العُقدةَ كردَّ وحلَّ ضِدُّ حرُم كحَنَّ وبمعنى نزل فبالضم والكسر وإلى ذالك أشار أحمد ابن اجمد بقوله
البيت حلَّ به وحلَّ عُقْدته … بالضم آتيهما واكسر خلاف حرم
وحلَّ دَيْنٌ وفي حل العذاب به … وجهان قد رُوِيا عن من مضى وقدُم
من لم تُزِلْ جِذوة المصباح عقدته … تطل جهالته ضبطَ اللغى وتدم
واستعمال هذه الأفعال المذكورة قبلُ معداةً شهيرٌ، قال:
بذبي الذم عن حسبي بمالي … وزَبُّونات أشوس تيَّحان
وقال:
وجيدٍ كجيد الرئم ليس بفاحش … إذا هي نصته ولا بمعطل
وقال:
فغُض الطرف إنك من نمير… فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
ومنه { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ },
قال : مِكَر مفر مقبل مدبر معا … كجلمود صخر حطَّه السيل من عل
وقال: تخطه من بوادي المصر كاتبةٌ … قد طال ما ضربت باللام والألف
ويقال: عق ثوبه: شقه.
وقال فظل صِحابي يشتوون بنعمةٍ … يصفون غارا باللكيك الموشق
{ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ }.
الحضرمي: منَّ عليه النعمة عدها.
ثم ذكر الشاذ بنوعيه مرتبا فقال فذو التعدي ….الخ وهو ما سنتعرض له في درسنا القادم إن شاء الله تعالى