درسنا اليوم هو الدرس السادس و العشرون من :سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل
قال الشيخ خليل رحمه الله:{وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً ثَلاَثاً تَعَبُّداً بِـمُطْلَقٍ وَنِـيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَـيْنِ، أَوْ أَحْدَثَ فِـي أَثْنَائِهِ مُفْتَرِقَتَـيْنِ وَمَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ، وَبَالَغَ مُفْطِرٌ، وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ، وَجَازَا أَوْ إِحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ، وَاسْتِنْثَارٌ ،وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ، وَتَـجْدِيدُ مَائِهِمَا، وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ، وَتَرْتِـيبُ فَرَائِضِهِ، فَيُعَادُ الْـمُنَكَّسُ وَحْدَهُ إِنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلاَّ مَعَ تَابِعِهِ، وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَـى بِهِ وَبِالصَّلاَةِ، و سُنَّةً فَعَلَهَا لِـمَا يُسْتَقْبَلُ.}
الشرح:
شرع المؤلف في بيان سنن الوضوء
و لبعضهم:
ومستحب سنة تطوع = رادفت النفل وقوم نوَّعوا
فالمستحب ما النبي سَنَّهْ = ولم يُدمه والمُدام سُنَّهْ
وقال بعضهم:
وسُنَّةٌ فاقت رغيبة كما = رغيبةٌ تفوق ندبا وسما
ندبٌ على نفلٍ ونفلٌ قد علا = فضيلة فوق تطوع جلا.
{وَسُنَنُهُ} ثمان أولاها {غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً ثَلاَثاً } قبل إدخالهما في الإناء { تَعَبُّداً} عند ابن القاسم، و للنظافة عند أشهب ، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثا قبل أن يدخلهما في إنائه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) فتعليله بالشك دليل على معقول المعنى، واحتج ابن القاسم للتعبد بالتحديد بالثلاث إذ لا معنى له إلا ذلك، وحملها أشهب على أنها للمبالغة في النظافة. ذكره ابن فرحون { بِـمُطْلَقٍ وَنِـيَّةٍ} السنية، بناء على أن غسلهما تعبد، لا معلل بالنظافة، وعلى أنه للتنظيف تحصل السنة بغسلها بغير المطلق وبلا نية إذ لا تتوقف عليها {وَلَوْ نَظِيفَتَـيْنِ،أَوْ أَحْدَثَ فِـي أَثْنَائِهِ } خلافا لأشهب القائل : إذا كانتا نظيفتين أو أحدث في أثنائه فإنه لا يطالب بغسلهما بناء على أن الغسل معلل بالنظافة . {مُفْتَرِقَتَـيْنِ} هذا عند أشهب فخالف مذهبه لأن أعضاء التعبد تغسل مفترقة وهو عنده معلل بالنظافة ، وقال ابن القاسم:يغسلهما مجموعتين، فيكون ابن القاسم خالف مذهبه أيضا ، وأجاب ابن مرزوق بأن غسلهما مجموعتين وإن كان مناسبا للنظافة لكنه لا ينافي التعبد وهو ظاهر، وإن كان غسلهما مفترقتين هو المناسب له ، وليس افتراقهما قولا لأشهب حتى يكون مخالفا لأصله إنما هو رواية له عن مالك انظر بن .
{وَمَضْمَضَةٌ،}. وهي لغة التحريك قال:
وصاحب نبهته لينهضا = فقام عجلان وما تأرضا
يمسح بالكفين وجها أبيضا= إذ الكرى في عينه تمضمضا
واصطلاحا: خضخضة الماء في الفم ومَجه أي طرحه ، ويكره تصويته كالتصويت بمضغ الأكل نقله علي الأجهوري عن المدخل. انظر الميسر.
قال بعضهم:
مضمضمة خضخضة الما في الفم = بأصبع أو بلسان فاعلم
وفي اشتراط مجه قولان = عزاهما الكبير للقلشاني
العلامة أحمد فال:
جاز الوضو بصحن مسجد على = ما لابن قاسم إمام النبلا
سحنون لا يجوز ذا وهل على = كره أو المنع لديهم حملا
وامنع وضوءه بمسجد لدى = تنجس الأعضاء عن وفق بدا
وصحنه وسطه ياصاح = كما لدى القاموس والإصباح
تنبيه:إذا غسل وجهه وترك المضمضة مثلا فإن كان ناسيا قيل يتمادى فيفعلها بعد تمام وضوئه وقيل يرجع ليفعلها ولا يعيد غسل الوجه , وأما لو كان عامدا فإنه يرجع لفعلها ولا يعيد غسل الوجه . انظر العدوى على الخرشي .
{وَاسْتِنْشَاق،} وهو لغة: الشم قال:
وأستنشق الأرواح من نحو أرضكم = ويهرع قلبي نحوكم ويطير
واصطلاحا : جذب الماء بريح الأنف {وَبَالَغَ مُفْطِرٌ،} ندبا فيهما ، وأما الصائم فتكره له المبالغة.{وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ،} من فعلهما بثلاث غرفات {وَجَازَا}أي خلاف الأولى { أَوْ إِحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ،} واحدة مع فوات فضيلة الست
وغرفة بالفتح للمصدر جا = والضم للمغروف يا ذوي الحجا
{وَاسْتِنْثَارٌ} وهو طرح الماء من الأنف مع وضع السبابة والإبهام من اليد اليسرى ،
ولبعضهم:
وكون الاستنثار بالإبهام مع = سبابة وباليسار ويضع
فاعله ذين بأعلى الأنف =ثلاث أنداب بدون خلف
{وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذنٍ،} وكذا مسح صماخيهما،
قال الشاعر:
الأذن كالوردة مفتوحة = فلا تمرَّنَّ عليها الخنى
فإنه أنتن من جيفة = واحذر من الوردة أن تنتنا
العلامة المختار بن المحبوب:
بطون ابهاميك فاجعل تحتا = شحمتي الأذنين إن مسحتا
ورأسي السبابتين فاجعلا = وسط الصماخين ورد من أسفلا
مَعَهُما للانتهاء وانظرا = فالعدوي ساق ذا محررا
{وَتَـجْدِيدُ مَائِهِمَا،} أي الأذنين، فلا يمسحهما من بقية ماء الرأس، فلو مسحهما بلا تجديد ماء لهما كان آتيا بسُنّة المسح فقط، وكلام التوضيح يفيد أن مسح الصماخين -أي الثقبين اللذين في الأذنين- برأس السبابة من تمام مسح الأذنين وليس سنة مستقلة ونقل المواق عن ابن يونس واللخمي أنه سنة مستقلة . {وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ،} وإن لم يكن عليه شعر، بأن يعمّها بالمسح ثانيا بعد أن عمّها أوّلا. {وَتَرْتِـيبُ فَرَائِضِهِ،} أي الوضوء على الصفة التي جاءت في القرآن، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
وحمل الترتيب على السنية لأنه لم يُعطف بـ”الفاء” أو “ثم” اللتين للرتيب بل عُطف بالواو التي لجامع العطف . قال ابن مالك:
والفاء للترتيب باتصال = وثم للترتيب بانفصال
{فَـ} بسبب كون الترتيب سنة {يُعَادُ} استنانا العضو {الْـمُنَكَّسُ} أي العضو المقدم عن محله الشرعي ولو حكما بأن غسل عضوين معا {وَحْدَهُ} دون تابعه {إِنْ بَعُدَ} أي طال ما بين انتهاء وضوئه وتذكّره بُعْدًا مُقدَّرا{بِجَفَافٍ} أي بجفاف الأعضاء المعتدلة في الزمن المعتدل. و هذا إن نكس ساهيا وأما إن نكس عمدا أو جهلا ابتدأ الوضوء ندبا {وَإِلاَّ} بأن لم يطل سواء نكس عامدا أو ساهيا فيعاد {مَعَ تَابِعِهِ،} الشرعي {وَمَنْ تَرَكَ فَرْضاً }تحقيقا أو ظنا أو شكا لغير المستنكح وكان الفرض غير النية {أَتَـى بِهِ وَبِالصَّلاَةِ،} التي كان صلاها بالوضوء بالناقص. {و} من ترك {سُنةً} لا بَدَلَ لها بخلاف غسل اليدين أولا، وكانت غير الترتيب، ولم يؤد فعلها إلى مكروه بخلاف مسح الرأس، {فَعَلَهَا} أي السنة المتروكة استنانا وحدها طال الزمن أو لا {لِـمَا يُسْتَقْبلُ.} من الصلوات
إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله .
و كتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، و رحم الله من قال ءامين.
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين ،
السلام عليكم جزاكم الله خيرا