درسنا اليوم هو الدرس الثالث و الثلاثون من :سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.
قال الشيخ خليل رحمه الله:{ وَجَازَ بِمَنْزِلٍ : وَطْءٌ ، وَبَوْلٌ ، مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرًا وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ ، وَأُوِّلَ : بِالسَّاتِرِ ، وَبِالْإِطْلَاقِ ، لَا فِي الْفَضَاءِ ، وَبِسِتْرٍ : قَوْلَانِ تَحْتَمِلهُمَا وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ : لَا الْقَمَرَيْنِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ خَفَّا .}
——————————————————
{وَجَازَ بِـمَنْزِلٍ} أي ما قابل الصحراء لا المنزل المعروف. وحينئذ فيشمل الفضاء الذي في داخل المدن كالخرائب التي بداخل البيوت،ورحبة الدار ومراحيض السطوح والسطح نفسه، {وَطْءٌ، وَبَوْلٌ،} وغائط {مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِراً} إن أُلجئ، أي اضْطُرَّ إلى ذلك،كالمراحيض التي يعسر التّحوّل فيها، بل {وَإِنْ لَـمْ يُلْـجَأْ ،} بأن يتأتّى له التّحوّل من غير عسر ولا مشقّة، و لو عبر المصنف بلو لكان أولى، ليرد ما في الواضحة: من أنه لا يجوز إلا إذا ألجئ. لأن الخلاف مذهبي. {وَأَوِّلَ} الجواز عند عدم الإلجاء {بِالسَّاتِرِ}أي لو كان هناك ساتر لجاز، وهو ضعيف. {وَبِالإِطْلاَقِ} أي سواء كان لها ساتر أم لا، وهو المعتمد. {لاَ} يجوز ذلك {فِـي الْفَضَاءِ} أي الصحراء بلا ساتر ، {وَبسترٍ} في الفضاء {قَوْلاَنِ}بالجواز وهو الراجح والمنع {تَـحْتَـمِلُهمَا} أي المدونة {وَالْـمُخْتَارُ} منهما عند اللخمي{التّرْكُ } وهو ضعيف.
( تنبيه ): ابن ناجي:”لم أقف عندنا على مقدار قدر الستر”، وقال النووي: “أقل الساتر طولا ثلثا ذراع، وبعده عنه ثلاثة أذرع فدونه، وعرضا بقدر ما يستر”.
فائدة: السِتر بكسر السين ما يستتر به، وبفتحها الفعل.
{لاَ} يمنع ما ذكر مع {الْقَمَرَيْن} أي الشمس والقمر إن لم يكونا في جهة القبلة، أو في استقبالهما استدبارها، {وَ} لا {بَـيْتِ الْـمَقْدِسِ} لكن يندب اتقاؤه. ولو قال المصنف: (وجاز بمنزل وطء وحدث مستقبل قبلة ومستدبرا وإن لم يلجأ لا في الفضاء إلا بساتر ) وحذف ما زاد على ذالك لكان أحسن , اهــ من الدسوقي.
{وَوَجَبَ} بعد قضاء الحاجة {اسْتِبْرَاءٌ}والاستبراء في اللغة طلب البراءة، كالاستسقاء طلب السقي، والاستفهام طلب الفهم، وفي عرف الشرع في الطهارة هو طلب البراءة من الحدث وذلك مُصوَّر: {بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَـيْهِ} أي استخراج البول والغائط من القبل والدبر، أي لا يَقُومُ حتى لا يبقى شيء يتهيأ للخروج،وإنما وجب لأن عدمه ينقض الوضوء. {مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ}ماسكا له من أصله بأصبعيه السّبّابة والإبهام مثلا يمرّهما لرأس الكمرة.{وَنَتْرٍ} أي جذبه ليخرج ما بقي فيه. {خَفَّا} أي السلت والنتر،لأن شدتهما ترخي عروق الذكر،وربما يبطل إنعاظه.
( تنبيه ) : ما ذكر من السلت والنتر في حق الرجل ، وأما المرأة ، فإنها تضع يدها على عانتها ويقوم لها ذلك مقام السلت والنتر ، وأما الخنثى المشكل فيفعل ما تفعله المرأة والرجل احتياطا ا هـ .
قال بعضهم:
كالسلت للرجل وضع المرأة = يسرى اليدين فوق عظم العانة
وكل ذا المواق فيه يُلفى = عند مقال الشيخ نتر خفا.
( تنبيه ):من غلب على ظنه انقطاع النجاسة من الذكر ترك ذلك السلت والنتر،ولا يعمل على ما عنده من توهم بقاء شيء في الذكر وما شك في خروجه بعد الاستبراء كنقطة فمعفو عنها ، فإن فتش ورآها انتقض وضوؤه إن لم تلازم جل الزمان، ويجب غسلها إن لم تعتره كل يوم .
قال ابن الحاج حماه الله:
ومن يحس قطرة منه ترد = يجدها طورًا وطورًا لا يجد
لم يلتفت لذا إذا أضرَّهْ = إذا اعتراه كل يوم مرَّهْ
ومن تعود وجود بلل = بعد انقطاع بوله والمغسل
فرفضه من شيم اللأخيار= ونصِّ مالك وكل دار
وبعد الاستقصا في الاستبراء = فالجائي غير ضائر للجائى
وفي الموطا أن مالكا سأل = ابن المسيب إذا ألفى بلل
وهو يصلي فأجاب لو سال = لفخذي لما انصرفت بل قال
ابنُ يسار انضحن ما تحتا = ثوبك والْه عنه ثم أفتى
اللخم أن ما على رأس الذكر = من بعد الاستبراء جدًّا مغتفر
لاسيما إذا تكرر وقال = القابسي ذا وفي هذا يقال
رُشَّ بماء والْه عما يعتريك = فالله من بلائه يعافيك
فذاك من مكائد الشيطان = ومن تلاعبه بالإنسان
ولم تزل تنظر ما النظم حوى = لما به بُليت فالعلم دوا.
إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله .
و كتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، و رحم الله من قال ءامين.
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين ،