بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس السادس عشر: من سلسلة دروس كتاب المرشد المعين على الضروري من علوم الدين للعلامة عبد الواحد ابن عاشر رحمه الله تعالى.
سُــنَّ الأَذَانُ لِـجَمَـاعَـةٍ أَتَـتْ == فَرْضاً بِوَقْتِهِ وَغَـيْـراً طَـلَـبَـتْ
وَقَصْـرُ مَـنْ سَـافَـرَ أَرْبَـعَ بُـرُدْ ==ظُهْراً عِشاً عَصْراً إِلَى حِيـن يَـعُـدْ
مِـمَّـا وَرَا السُّكْنَـى إِلَيْـهِ إِنْ قَدِمْ ==مُقِـيـمُ أَرْبَـعَـةِ أَيـَّامٍ يُـتِـمْ
ذكر –رحمه الله- أن الأذان سنة للجماعة الذين يطلبون غيرهم في الفرض الذي حضر وقته، فقوله: “لجماعة” يخرج المنفرد فلا يسن في حقه الأذان، إلا إذا سافر فيستحب أذانه .
واحترز بقوله:”فرضا ” من النافلة فلا أذان لها.
و احترز بقوله:” بوقته” من الفائتة فلا أذان لها، قال في التوضيح: إلا على قول شاذ،
واحترز بقوله :”وغيرا طلبت” عما إذا لم يطلبوا غيرهم فلا يأذنون ،
التوضيح:(فائدة) يغلط بعض المؤذنين في مواضع منها: أن يمد الباء من أكبر فيصير أكبار، والإكبار جمع كَبَر وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر، ومنها أنهم يمدون في أول أشهد، فيخرج إلى حيز الاستفهام والمراد أن يكون الحيز إنشاء ،وكذلك يصنعون في أول الجلالة، ومنها الوقوف على الإله وهو خطأ، ومنها أن بعضهم لا يدغم تنوين محمد في الراء بعدها وهو لحن خفي عند القراء، ومنها أن بعضهم لا ينطق بالهاء في( حي على الصلاة) ولا بالحاء في( حي على الفلاح) فيخرج في الأول إلى صلا النار، والثاني إلى غير المقصود اهـ.قال العلامة ميارة:وكذا يلحنون في الياء من حي الذي بمعنى هلموا واجتمعوا فيخففونها ويمدونها حتى تنشأ عنها ألف وبعضهم يزيد على ذلك إبدال الحاء هاء.
(بشارة) أخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينا. غفر له ذنبه» .
(فرع) قال فى المدونة وليس في سرعة القيام إلى الصلاة بعد الإقامة وقت وذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي والضعيف وكان ابن عمر لا يقوم إلى الصلاة حتى يسمع قد قامت الصلاة ، وقيل أن من قام إلى الصلاة عند قول المقيم :”قد قامت الصلاة” أمن من وجع الظهر.
ثم ذكر الناظم أن قصر الصلاة الرباعية -وهى صلاة الظهر والعصر والعشاء- سنة لمن سافر مسافة أربعة برد فأكثر فيصلي ركعتين ركعتين ولا يزال يقصر إلى أن يعود ويرجع من سفره مالم ينو إقامة أربعة أيام صحاح فإن نواها أتم صلاته وإلى ذلك أشار بقوله : (مُقِـيـمُ أَرْبَـعَـةِ أَيـَّامٍ يُـتِـمْ)، ويبتدئ التقصير مما وراء المواضع المسكونة، وينتهي التقصير إلى ذلك الموضع إن قدم من سفره، وعلى بيان موضع ابتداء التقصير وانتهائه نبه بقوله: (مما وراء السكنى إليه إن قدم)،
قول الناظم : (أربع برد) البريد: أربعة فراسخ ، والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: ألفا ذراع وشهر ، وثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع وصحح. فمسافة القصر :71 أو 72 كيلومتر .
تنبيه: من فاتتْ عليه صلاة رباعية وهو فى السفر، سواء قضاها فى السفر أو فى الحضر فيقضيها ركعتين، وإن ذكر في سفر صلاة حضر قد ذهب وقتها صلاها أربعاً كما كانت وجبت عليه.
(فرع) ويقطع القصرَ نيةُ إقامة أربعة أيام، لا إقامتها من غير نية فإنه إذا أقام ولو شهوراً من غير نية الإقامة بل كان لحاجة وهو يرجو قضاءها كل يوم قصر فالقاطع نية الإقامة لا الإقامة.
و إقامة أربعة أيام من النظائر التي يلغى فيها اليوم المجموعة في قول الشيخ ابن غازي في نظائر الرسالة:
واليوم يلغى فى اليمين والكرا==وفي الإقامة على ما اشتهرا
وفى خيار البيع ثم العده ==وأجل عقيقة وعهدة
و في بعض النسخ : وأجل عقيقة وردة.
(استطراد) قال القاضي عبد الوهاب في مدح السفر
تغرب عن الأوطان في طلب العلا==وسافر ففى الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة==وعلم وآداب وصحبة ماجد
فان قيل فى الأسفار هم وغربة==وقطع فياف وارتكاب شدائد
فموت الفتى خير له من مقامه==بأرض عدو بين واش وحاسد
و قال القاضى أبى الفضل عياض فى ذم السفر:
تقاعس عن الأسفار إن كنت طالبا==نجاة ففى الأسفار سبع عوائق
تشوق إخوان وفقد أحبة==وأعظمها يا صاح سكنى الفنادق
وكثرة إيحاش وقلة مؤنس==وتبديد أموال وخيفة سارق
فان قيل فى الأسفار كسب معيشة==وعلم وآداب وصحبة وافق
فقل كان ذا دهر تقادم عصره==وأعقبه دهر شديد المضايق
فهذا مقالى والسلام كما بدا==وجرب ففى التجريب علم الحقائق
وكان مصدر هذا التدريس : تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،جزاه الله عنا خيرا ، و الشرح الكبير للعلامة ميارة على هذا النظم .
وكتب العبد الفقير إلى ربه الغني به عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، ورحم الله عبدا قال آمين.