بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس الثامن والثلاثون من :سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.
{وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ ، وَمَنَعَ حَدَثٌ : صَلَاةً ، وَطَوَافًا ، وَمَسَّ مُصْحَفٍ وَإِنْ بِقَضِيبٍ ، وَحَمْلَهُ وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ ، إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَإِنْ عَلَى كَافِرٍ . لَا دِرْهَمٍ وَتَفْسِيرٍ وَلَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَإِنْ حَائِضًا . وَجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ وَإِنْ بَلَغَ وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ ، وَإِنْ لِحَائِضٍ .}
—————————————-
{وَنُدِبَ}لكل أحد وتأكد لمريد الصلاة {غَسْلُ فَمٍ}ويد وهذا : هو الوضوء الأصغر {مِنْ لَحْمٍ}وسائر ما فيه دسومة {وَلَبَنٍ،} حليب أم لا على المعتمد ، لخبر «من بات وبيده غَمَرٌ (أي أثر دسم) فأصابه وضَحٌ أو جنون فلا يلومنَّ إلا نفسه».
والغمر بفتح الغين والميم : الودك ، وإن سكنت الميم فمع فتح الغين : الماء الكثير ، ومع ضمها : الرجل البليد ، ومع كسرها : الحقد قاله المؤلف في شرح المدونة .
ونظم ذلك شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ -حفظه الله ورعاه- بقوله :
وغَمَرٌ محرك هو الودك == وإن يكن تسكين ميمه سلك
مع فتح عين فكثير ماء == ومع ضمها بلا امتراء
فالرجل الأبله ثَمَّ يبدو == ومع كسرها فذاك الحقد
والخرشي والزرقاني دون مين == قد بينا ذلك عازيين
إلى أبي الضياء دون كذب == في شرحه للأم أم المذهب
وقال بعضهم:
غسل اليدين قبل أكلك الطعام == يكره في مشهور مذهب الإمام
إن كانتا نظيفتين وورد == أمرٌ به والنهي هو المعتمد
{وَ}ندب {تَـجْدِيدُ وُضُوءٍ}لصلاةٍ ولو نافلةً أو طوافٍ ، لا لغيرهما كمس مصحف {إنْ} كان قد {صَلَّى بِهِ} فيما مضى ولو نفلا ، أو فعل به ما يتوقف على طهارة كطواف ومس مصحف ، فالمصنف ـــ رحمه الله ـــ أطلق في محل التقييد وقيد في محل الإطلاق . وإلا بأن لم يصل به ولم يفعل به ما يتوقف على طهارة فهل يكره أو يمنع ؟ قولان مبنيان على الخلاف المتقدم عند قول المصنف : “وهل تكره الرابعة أو تمنع خلاف” {وَلَوْ شَكَّ فِـي صَلاَتِهِ} هل أحدث فيها أو قبلها وجب عليه التمادي فيهما{ثُمَّ} إذا {بَانَ الطُّهْرُ لَـمْ يُعِدْ.}صلاته لبقاء الطهارة في نفس الأمر خلافا لأشهب وسحنون ، ولأنه شكٌّ في الوسيلة، والشك في الوسيلة لا يضم إلى الشك في المقصد وهو الشك في الصلاة،
لمرابط محمد سالم ابن ألما :
وقوله لو شك في الصلاة== فلابن رشد في السماع آتي
أن عليه يجب التمادي ==وذاك في الزرقاني حكم بادي
ونسب البناني للمواقِ==ما جاء عن أئمة حذاق
ولابن غازي وعن الحطاب==له وجوب القطع ذو انتساب
لكن إذا خالف صحت إن يبن==طهرٌ وإلا فهْيَ بطلُها يعن
كما عَزَى للعتقي الـمُنْتقَى==وأشهب البطلان قال مطلقا
تذييل لبعضهم
وصحها لمن به اقتدى انحتم==كما به على الأجهوري جزم
والمنتقى هو : شرح الباجي على الموطأ
{وَمَنَعَ حَدَثٌ:} أصغر، وهو هنا الوصف الحكمي القائم بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية ، لا المنع المرتب على الأعضاء لأننا لا نقول : ومنع منعٌ. {صَلاَةً،} فرضا أم لا، ولو استحياء وكَفَرَ إن استحل {وَطَوَافاً،} وركعتاه {وَمَسَّ مُصْحَفٍ} مكتوب بالعربية ، كاملا أم لا ، مُحْكَمِ اللفظ ولو نسخ حكمه كآية { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذْرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ } ، لا ما نسخ لفظه دون معناه نحو: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) ، ولا توراة وإنجيل ولا كتب العلم ولو فيها آيات.
قال بعضهم:
ومس مصحف لمحدث أُبي == أن كان موسوما بخط العرب
وكان لم ينسخ وحيث ينسخُ == كالشيخ والشيخة فيه سبخوا
{وَإِنْ} مسه {بِقَضِيبٍ،} أي عود {وَ} منع{حَمْلَهُ وإِن بِعِلاَقَةٍ} أي بواسطة فوقه ، إن لم تجعل حرزا وإلا جاز على أحد قولين ، {أَوْ}واسطة تحته كـ{وِسَادَةٍ} مثلثة الواو : العيدان التي يجعل عليها المصحف .
قال بعضهم:
وجوزوا حمل المصاحف بلا==طهارة إن شئت أن ترتحلا
كذلك الأمر الذي لا بدا==من فعله لا تصحب الـمُلدا
وقال آخر:
ومس مصحف لما قد اندرج==فيه ككاغد وقرطاس ولج
أباحه للمحدث الگصري==وقوله للامتطا مرضي.
{ إِلاَّ بِـ} أي مع {أَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ.} بالحمل دونه، وإن قصدا معا فقولان، وإن قصد دونها منع، الكفاف:
وحمله إن لم يصاحب أمتعه= تعنى فقط والخلف إن تعنى معه
{وَإِنْ}حملت {عَلـى كَافِرٍ.} لأن المقصود ما فيه المصحف من الأمتعة لا المصحف {لاَ} يمنع لمحدث وكافر حمل {دِرْهَمٍ} ودينار فيه قرآن نحو : ((تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)) ، {وَتَفْسِيرٍ} ولو كتبت فيه الآيات كتفسير ابن عطية والجلالين ، لأن الشيء مع غيره غيرُه لا مع غيره. فيجوز ولو لجنب حملهما ومسهما{وَ} لا يمنع مس {لَوْحٍ لِـمُعَلِّـمٍ} يكتبه أو يصلحه كان جالسا للتعليم أم لا {وَمُتَعَلِّـمٍ.} حالة التعليم، وما يتعلق بذلك كحال الذهاب به إلى وضعه في محله. {وَإِنْ}كان المعلم أو المتعلم امرأة {حَائِضًا.} لا جنبا ، والفرق بينهما قدرته دونها على إزالة المانع، وقيل إنه مثلها.{وَجُزْءٍ} والمراد به ما قابل الكامل {لِـمُتَعَلِّـمٍ} وكذا المعلم على المعتمد . {وَإِنْ بَلَغَ،} أو كان حائضا ، والمعتمد أن للمتعلم مس الكامل لأن ابن بشير حكى الاتفاق على جواز مس الكامل.
أتاه بن يحظيه:
الكل كالجزء ومن تعلما=مثلُ المعلم على ما يعتمى
لابن بشير وابن مرزوق على=لف ونشر رتبنَّ واعقلا
أبوه الموسوي :
للمس في التعليم والتعلم=للوح والمصحف حالاتٌ نُمي
لصاحب الأصغر ذا مغتفرُ=ولو لكامل على ما شهروا
وصاحب الأكبر منعه علم=للحائض الكاملُ لا الجزءُ حرم
تذييل :
واعتمد الدسوقي في ذا الثاني=إلحاقه بحائض النسوان.
( تنبيه ) : قال بعضهم:
ومن رأى لوحا على ما استقذرا==بادره من قبل أن يطهرا
وانگعرت به إذا تيمما==لأنه كفر عند العلما
والحر والبرد الذي لا يقدر==وجه عليه مثل ما يستقذر.
وقال آخر:
لوح القرآن غسله بموضع==يطأ فيه الناسُ منعَه اسمع
لذلك المعلم الذْ ينظر==غسلَ الصبيِّ اللوحَ فيه يكفر
نسبه الگصري للمغيل==عبد الكريم العالم الخليل.
وقال آخر :
غسالة القرآن ليس من حذر ==في شربها كما أتى في ابن حجر
ومدُّ رجلٍ نحوه محرَّم==كالعلم ذا للزركشي يعلم
{وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ،}يقيه من وصول أذى إليه من جلد أو غيره ، لمسلم صحيح أو مريض غير حائض بل {وَإِنْ لِـحَائِضٍ.} أو نفساء أو جنب أو حامل ،
لا كافر خوف امتهانه بخلاف البهيمة فيجوز تعليقه عليها لدفع عين حاصلة أو متوقعة .
قال بعضهم:
حرز بساتر يجوز مطلقا == أولا وأطْلِقْ والأوَل المنتقى
ثالثها يجوز للمريض لا == للحيَوان وصحيح العقلا
رابعها للآدمي مسجلا == على الرسالة ابن ناجي نقلا
وقال آخر :
الحرزَ صُن بقصب شديد == وكرهت قصبة الحديد
وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه ووالديه ، و رحم الله من قال ءامين.
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين .