بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس العشرون من : سلسلة دروس كتاب المرشد المعين على الضروري من علوم الدين للعلامة عبد الواحد ابن عاشر رحمه الله تعالى.
فَصْلٌ وَخَـمْسُ صَلَوَاتٍ فَـرْضُ عَيْنْ==وَهْيَ كِفَـايَـةٌ لِـمَيْتٍ دُونَ مَيْـنْ
فُـرُوضُهَـا التَّكْبِيـرُ أَرْبَـعـاً دُعَـا==وَنِـيَّـةٌ سَـلاَمُ سِــرٍّ تَـبِـعَـا
وَكَالصَّـلاَةِ الْغَسْـلُ دَفْـنٌ وَكَفَـنْ ==وَتْرٌ كُسُـوفٌ عِيـدٌ اسْتِسْقَا سُنَـنْ
فَجْـرٌ رَغِيبَـةٌ وَتُقْـضَـى لِلـزَّوَالْ ==وَالْفَرْضُ يُقْـضَـى أَبَـداً وَبِالتَّـوَالْ
قوله :”وخمس صلوات فرض عين” : أي أن الصلوات الخمس فرض على كل مكلف ، وذلك معلوم من الدين ضرورة ،
فمن جحد وجوبها فهو كافر .
قوله : “وهي كفاية لميت دون مين” هو قول الأكثر ، وشهره الفاكهانى ، وجعله ابن الحاجب وصاحب الشامل الأصح ، وقيل بسنيتها وهو قول ابن القاسم وأصبغ وشهره سند ، واللام في قوله : ” لميت” بمعنى على . وهذا إذا وجد من يقوم بها وإلا ففرض عين.
قوله:”فروضها التكبير أربعاً دعا” … البيت . لما أداه التقسيم إلى ذكر صلاة الجنازة كمل الفائدة ببيان فرائضها فأخبر أن فروض صلاة الجنازة أربع ، الأول : التكبير أربعا، عياض : ومن فروضها وشروط صحتها تكبيرة الاحرام وثلاث تكبيرات بعدها. قال غيره: كل تكبيرة بمنزلة ركعة .
(فرع) : وفي رفع اليدين عند التكبير ثلاثة أقوال : الرفع في الجميع ، وعدمه فى الجميع ، والرفع في الأولى دون ما بقي وهو المشهور.
الثاني : الدعاء للميت عقب كل تكبيره من الثلاث الأولى ، وفي الدعاء بعد التكبيرة الرابعة أو يسلم أثرها من غير دعاء قولان .
الثالث : النية ، عياض : من فروض صلاة الجنازة وشروط صحتها : النية .
(فرع) : من صلى على جنازة يظنها امرأة فإذا هي رجل أو بالعكس فدعا على ما ظنه فصلاته تامة. الرابع : السلام ، ابن القاسم : يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه ، ومَن ورائه يسلمون واحدة في أنفسهم وإن أسمعوا من يليهم لم أر بذلك بأسا ،
(تنبيه): قال مالك في المدونة : أكره أن توضع الجنازة في المسجد ، وإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلى من بالمسجد عليها بصلاة الامام إذا ضاق خارج المسجد .
قوله: “وكالصلاة الغسل دفن وكفن” أخبر أن غسل الميت ودفنه وكفنه : كالصلاة عليه في كونه فرض كفاية ،
قوله: “وتر ” أخبر أن الوتر بكسر الواو وفتحها سنة مؤكدة ، لا يسع أحدا تركها ، سحنون : يجرح تاركه . وقال أصبغ : مَن تركه يؤدب. المازري: لاستخفافه بالسنة .
(فرع) : وأول وقته المختار بعد العشاء الصحيحة وبعد الشفق ، وآخره إلى طلوع الفجر ، وضروريه من طلوع الفجر إلى صلاة الصبح .
(فرع) : ابن يونس : الأفضل عند مالك تأخير الوتر إلى آخر الليل لفضيلة قيام الليل ، إلا لمن الغالب عليه أن لا ينتبه فالأفضل أن يوتر ثم ينام ، لأن في نومه قبله تغريراً بالوتر.
( فرع) :المشهور أن إيقاع الشفع قبل الوتر مستحب فإن أوتر من غير شفع صح وتره وقد فعل مكروها .
قوله : “كسوف” التوضيح: يقال خسفت الشمس بفتح الخاء مبينا للفاعل ، وبضمها مبنيا للمفعول وكذلك كسفت الشمس ويقال كسفا وانكسافا وخسفاً وانخسافا ، وقيل : الكسوف مختص بالشمس والخسوف مختص بالقمر ، وقيل عكسه ورد بقوله تعالى :{ وَخَسَفَ الْقَمَرُ } وقيل الخسوف أوله والكسوف آخره إذا اشتد ذهاب الضوء ،وقيل : الكسوف ذهاب الضوء بالكلية والخسوف تغير اللون، وقيل: هما مترادفان.
وصلاة الكسوف للشمس قبل الانجلاء سنة وتوقع في المسجد ووقتها من حل النافلة إلى الزوال ،
وأما صلاة خسوف القمر فتصلى أفذاذا ركعتين ركعتين حتى ينجلى ،
وقوله: “عيد” أي صلاة العيدين سنة مؤكدة ، ويؤمر بها من تلزمه الجمعة ، وهو البالغ العاقل الحر الذكر المقيم ، وفي غيرهم قولان ، وعلى أنهم لا يؤمرون بها فهل يجوز لهم أن يصلوها وهو المشهور أو يكره لهم ذلك أو يكره لهم فذاً لا جماعة ثلاثة أقوال ،
وصلاة العيد ركعتان بغير أذان ولا إقامة ، ويكبر في الأولى سبعاً بالإحرام ، وفي الثانية ستا بالقيام .
وندب فيهما قراءة ( سبح) ، ( والشمس ) ونحوهما من قصار المفصل جهراً.
وندب بعد الصلاة خطبتان كالجمعة في الصفة من الجلوس في أولهما وفي وسطهما وتقصيرهما ومن الجهر بهما ونحو ذلك ، وندب استفتاح الخطبتين وتخليلهما بالتكبير بلا حد .
قوله: “استسقا“: الاستسقاء طلب السقي ، وهو سنة عند الحاجة إلى الماء لزرع ، أو شرب ، فلذلك يستسقى مَن بصحراء ، أو بسفينة بأن يكون في بحر مالح أو عذب لا يصل إليه ، وقلة النهر كقلة المطر قال أصبغ : استسقى بمصر للنيل خمسة وعشرين يوما متوالية ، وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما .
وصلاة الاستسقاء ركعتان جهرا ، ثم يخطب الإمام على الأرض بعدهما كالعيدين ويبدل التكبير بالاستغفار ، ويبالغ في الدعاء آخر الخطبة الثانية ، ويستقبل القبلة حينئذ ويحول رداءه تفاؤلا ، ما يلى ظهره إلى السماء وما على اليمين على اليسار ولا ينكسه ، وكذلك يفعل الرجال قعودا.
ومن سنتها أن تخرج الناس مشاة في بذلتهم ، بسكينة ووقار متواضعين متخشعين وجلين إلى مصلاهم ، لأن العبد إذا رأى مخايل العقوبة لم يأت مولاه إلا بصفة الذل ، والبذلة : ما يمتهن من الثياب .
ويستحب صيام ثلاثة أيام قبله ، والصدقة ، ويأمر الإمام بالتوبة ورد التباعات .
قوله : “فجر رغيبة وتقضى للزوال” : المشهور أن الفجر رغيبة كما قال ، وقيل سنة . ومعنى كونه يقضي أنه إذا ضاق الوقت عن ركعتي الفجر قضاهما بعد طلوع الشمس وحل النافلة إلى الزوال ،
(تنبيه) :من لم يصل الصبح ولا الفجر حتى طلعت الشمس ، فالمشهور أنه يقدم الصبح على الفجر وقال ابن وهب يقدم الفجر.
وقراءتها بأم القرآن فقط على المشهور ، وروى ابن وهب أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ فيهما ب”قل يا أيها الكافرون” و”قل هو الله أحد” ، وهو في مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه . وقد جرب لوجع الاسنان فصح .
قوله: “والفرض يقضى أبدا وبالتوال” لما ذكر أن الفجر يقضي إلى الزوال لا بعده ، أفاد هنا أن من عليه فرض -أي صلاة فرض- فإنه يجب عليه قضاؤه أبدا ولا يسقط عنه بمضى زمانه ولو طال ، وأن هذا الفرض إن تعدد يجب قضاؤه مرتبا كما فاته وعلى ذلك نبه بقوله: “وبالتوال”
وكان مصدر هذا التدريس : تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،جزاه الله عنا خيرا ، و الشرح الكبير للعلامة ميارة على هذا النظم .
وكتب العبد الفقير إلى ربه الغني به عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، ورحم الله عبدا قال آمين.