درسنا اليوم هو الدرس الخامس والأربعون: من مختصر الشيخ خليل.
ترجمة التيمم:
{فصل في التيمم} والكلام عليه من سبعة أوجه: لغة، واصطلاحا، وحكما، وحكمة، وزمنا، وسببا، وفعلَ النبي –صلى الله عليه وسلم- – له.
فهو لغة: القصد قال تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) أي تقصدوا، وقال الشاعر:
من أمكم لرغبة فيكم ظفِر == ومن تكونوا ناصريه ينتصر
وقال:
ومنهن نصّ العيس والليل شامل == تيمَّم مجهولا من الأرض بلقعا
واصطلاحا: طهارة ترابية متعلقة بأعضاء مخصوصة على وجهٍ مخصوص ، وبعبارة أخرى: طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين.
وأما حُكْمًا: فهو الوجوب كتابا وسنة وإجماعا، كتابا: لقوله تعالى: (( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ))…الآية، وسنةً: لقوله -صلى الله عليه وسلم- : (جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا) ، وإجماعا: لإجماع العلماء على أنه مطلوب في الحدث، واختلفوا في الخبث، وعلى القول به فتجعل التراب على المحل النجس من الثوب، وهل البدن كذلك ؟ أو يكفيه التيمم كالجنابة.
وحكمة مشروعيته: لئلا تطمئن النفس إلى ترك الصلاة بعدم الماء، ولتكون طهارة الشخص دائرة بين الماء والتراب الذين هما أصله،
أصل وجود المرء ماء والمصير == إلى التراب بعد عمره القصير
فجُعل الطهر من اجل ذاء == للمرء بين تربة والماء
تذييل لشيخنا العلامة الشيخ بن حم:
أفادهُ ميارة الشيخ الشهير == في شرحه أعني به الشرح الكبير
وأما زمن مشروعيته: ففي السنة السادسة أو الخامسة للهجرة في غزوة الْمُريسيع. وأما سببه: فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش -شك من الراوي وقيل: منها واستبعد- انقطع عقد لي فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناسِ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال حبست رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح على غير ماء، فجمعوا له ما يتوضأ به، فنزلت آية التيمم فعلمهم ولم يتيمم غيرها إلا لرد السلام.
قال بعضهم:
تيمَّم النبيُّ مرتين == لرده السلام دون مين
والثاني قصدُه به فالْتعلم == نعليمُ غيرٍ صفةَ التيمم
وقال آخر:
تيمُّما نبيِّنا الرحيم == لردِّه السلام والتعليم
قال أسيد بن حُضَيْر: ما هذه بأول بركاتكم علينا يا ءال أبي بكر.
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: “ما أعظم بركة قلادتك” .
قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
قال محمد الأمين بن عبد القادر:
جزع ظفار كان منه عقد == عائشةٍ وكقطام يبدو
ضبط ظفار من مدائن اليمن == والجزع بالكسر وبالفتح يعن
وسكّن الزا خرز يماني == ذا في المواهب على الإتقان
ولبعضهم:
سبب مشروعية التيمم == عائشة لعقدها المنصرم
لأنه أقام في التماسه == صلى عليه الله في أناسه
بغير ماء فأتى الناس أبا == بكر لذا فجاءها فعتبا
على الإقامة بتلك الحالة == يطعنها باليد في الخاصرة
قالت ولا يمنع من تحركي == إلا النبي فوق فخذي متكي
فأصبحوا وليس ماءٌ عندهم == فوجدوا عند الصباح عقدهم
تحت البعير حيث قام فاعلم == بذا نزول ءاية التيمم
قال أسيد بن حضير إذ نزل == ما هي يا ءال أبي بكر أولْ
من بركاتكم علينا وصدق == جزاهم عن الورى رب الفلق
وبيتو حيث أضلوا العقدا == قالت بذات الجيش أو بالبيدا
وتلك غزوة بني المصطلق == وقصة الإفك بها مما لقي
وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به عبد الله بن أحمد بن الْبُ .
وكان مصدر هذا التدريس: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حم -حفظه الله ورعاه-.