بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
الله المستعان
درسنا اليوم هو الدرس الثامن والأربعون من ألفية ابن مالك مع احمرار المختار ابن بونَ.
أل حرف تعريف أو اللام فقط :: فنمط عرفت قل فيه النمط
يعني أن النحاة اختلفوا في حرف التعريف في الرجل ونحوه فقال الخليل المعرف هو أل برمتها، وأن الهمزة همزة أصلية، وأنها همزة قطع، بدليل أنها مفتوحة، إذ لو كانت همزة وصل لكسرت، لان الاصل في همزة الوصل الكسر، ولا تفتح أو تضم إلا لعارض، وليس هنا عارض يقتضي ضمها أو فتحها، وبقي عليه أن يجيب عما دعا إلى جعلها في الاستعمال همزة وصل، والجواب عنده أنها إنما صارت همزة وصل في الاستعمال، لقصد التخفيف الذي اقتضاه كثرة استعمال هذا اللفظ.
وذهب سيبويه إلى أن أداة التعريف هي اللام وحدها، وأن الهمزة زائدة، وأنها همزة وصل أتى بها توصلا إلى النطق بالساكن، فإن قيل: فلماذا أتى بالهمزة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن ولم تتحرك اللام وأجيب عن ذلك بأنها لو حركت لكانت إما أن تحرك بالكسر فتلتبس بلام الجر، أو بالفتح فتلتبس بلام الابتداء، أو بالضم فتكون مما لا نظير له في العربية، فلاجل ذلك عدل عن تحريك اللام، وأبقيت على أصل وضعها، وجئ بهمزة الوصل قبلها كما ذكر الشيخ محيي الدين في حاشيته على ابن عقيل.
والألف واللام المعرفة تكون للعهد كقولك لقيت رجلا فأكرمت الرجل وقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ولاستغراق الجنس نحو إن الإنسان لفي خسر وعلامتها أن يصلح موضعها كل ولتعريف الحقيقة نحو الرجل خير من المرأة أي هذه الحقيقة خير من هذه الحقيقة.
والنمط ضرب من البسط والجمع أنماط مثل سبب وأسباب والنمط أيضا الجماعة من الناس الذين أمرهم واحد كذا قاله الجوهري .
وسمها عهدية إذا عهد =مدلول ما صحبها وإن وجد
سواء معهود وكل خلفت = حقا فبالشمول مطلقا أتت
فاستثن من مصحوبها = ورجحوا فيما له اللفظَ ومعنى صححوا
يعني أن أل تكون عهدية إذا حضر مدلول صاحبها حسا كـما في قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } أو ذكرا كما في قوله عز وجل: { كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } أو ذهنا كما في قوله:{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} وقوله عز وجل : { بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
قوله: “وإن وجد سواء معهود وكلٌّ خلفت حقا فبالشمول مطلقا أتت” يعني أن “أل” تكون لإستغراق الجنس إذا كان مدلول صاحبها غير معهود ويصلح في موضعها كل كقوله تعالى: { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } فتكون للشمول ولذلك يستثني من مصحوبها {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} كما أشار له بقوله : “فاستثن من مصحوبها”
وأما إذا لم تخلفها كل فهي لبيان الحقيقة نحو : { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} ونحو: الرجل خير من المرأة أي حقيقته خير من حقيقتها
وإذا خلفتها مجازا فهي لشمول خصائص أفراد الجنس مبالغة نحو: أنت الرجل علما.
قوله: “ورجحوا فيما له اللفظَ ومعنى صححوا”
يعني أنه يرجح اللفظ في التابع من نعت أو غيره ومثله الحال والخبر فإذا كان مدخولها مفردا كان تابعه كذلك كما في قوله تعالى: { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} وقوله: { لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} أو خبره نحو : { إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}
وقد ينظر إلى معناه كما في قوله تعالى: { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} وقولهم: أهلك الناس الدينار الحمر والدرهم البيض كما أشار له بقوله: “ومعنى صححوا ”
وجوز أن تقوم في غير الصلة= مقام مضمر وبعض حظله
يعني أنه يجوز في غير الصلة أن تقوم أل مقام مضمر نحو: «زوجي، المس مس أرنب، والريح ريح زرنب». ومنعه بعض البصريين فالضمير عنده محذوف.
ولامها المظهر ميما يجعل= وفي القريض مدغما قد يبدل
يعني أن لام أل المظهر يبدل ميما في لغة حمير ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من امبر الصوم في السفر» وقول الشاعر:
أإن شمت من نجد بريقا تألقا == تبيت بليل امأرمدِ اعتاد أولقا
وقد يبدل في الشعر حال كونه مدغما قال:
ذاك خليلي وذو يواصلني = يرمي ورائي بامسهم وبأمسلمه