درسنا اليوم هو الدرس الثامن والعشرين من: سلسلة دروس المرشد المعين على الضروري من علوم الدين.
قال ابن عاشر رحمه الله:
وَيـُكْـرَهُ السَّلَسُ وَالْقُـرُوحُ مَـعْ == بَـادٍ لِغَيْــرِهِمْ وَمَـنْ يُكْـرَهُ دَعْ
وَكَالأَشَــلِّ وَإِمَــامَـــةٌ بِـلاَ == رِداً بِـمَسْجِـدٍ صَـلاَةٌ تُـجْتـَلَى
بَيْنَ الأَسـَاطِيـنِ وَقُــدَّامَ الإِمَـامْ == جَـمَاعَةٌ بَعْدَ صَـلاَةٍ ذِي الْتِـزَامْ
وَرَاتِـبٌ مَـجْهُـولٌ أَوْ مَـنْ أُبِنَـا == وَأَغْـلَـفٌ عَبْـدٌ خَصِيُّ ابْنُ زِنـَا
وَجَـازَ عِـنِّيـنٌ وَأَعْـمَى أَلْـكَـنُ == مُـجَـذَّمٌ خَـفَّ وَهَـذَا الْـمُمْكِنُ
——-
هذا شروع من الناظم في شروط الكمال، فأخبر أن هذه الأوصاف لا تمنع صحة الإمامة بل الإمامة معها صحيحة، ولكن تكره إمامة الموصوف بشيء منها، فقال رحمه الله: وَيـُكْـرَهُ السَّلَسُ أي تكره إمامة صاحب السلس وَالْقُـرُوحُ السائلة مَـعْ بَـادٍ أي ساكن البادية لتركه الجماعات غالبا والجمعات لازما، لِغَيْــرِهِمْ وكذا سائر المعفوات، فمن تلبس بشيء منها كره له أن يؤم غيره ممن هو سالم منها.
وَمَـنْ يُكْـرَهُ أي تكره إمامته لدينه دَعْ، أي كَرِهَه أقَلُّ القوم غير ذوي الفضل منهم، وأما إذا كرهه كل القوم أو جلهم أو ذوو الفضل منهم وإن قلوا فيحرم.
وَكَالأَشَــلِّ أي تكره إمامته، وأدخلت الكاف أقطع اليد وشبهه، لكن المعتمد عدم الكراهة لأن الضرر إنما يضر في الأديان لا في الأبدان. وَإِمَــامَـــةٌ بِـلاَ رِداً على الكتفين، لئن لا يعاب أو يعان بِـمَسْجِـدٍ وندب للمأموم إن كان عنده رداء أن يؤثر به الإمام.
ومما يكره صَـلاَةٌ فرضا ونفلا تُـجْتـَلَى بَيْنَ الأَسـَاطِيـنِ أي الأعمدة، ولو منفردا لأنها محل الشياطين. وَمما يكره: الصلاة قُــدَّامَ الإِمَـامْ أو حذاءه ولو تقدم الجميع، إن لم تكن هناك ضرورة.
ومما يكره أن تصلى جَـمَاعَةٌ في المسجد بَعْدَ صَـلاَةٍ ذِي الْتِـزَامْ وهو الإمام الراتب، ولو أذن لهم:
قال بعضهم:
وكرهت من قبله وبعده :: ومعه تحرم في مسجده.
وقال بعضهم في تعريف الإمام الراتب:
مَن رَتَّبَ السلطان ثم النائب == أو واقف المسجد هو الراتب
أو أجمعت عليه أهل أرضه == لفقد كل قادح في عرضه
وَرَاتِـبٌ مَـجْهُـولٌ أي يكره ترتيب من لا يُعلم هل هو عدل أم فاسق، ومثله مجهول أب وهو اللقيط. أَوْ مَـنْ أُبِنَـا وهو الذي يتكسَّر في صوته ومشيته كالنساء. وَأَغْـلَـفٌ وهو من لم يختتن والراجح كراهة إمامته مطلقا. عَبْـدٌ قن أو فيه شائبة حرية خَصِيُّ وهو مقطوع الخصيتين ابْنُ زِنـَا.
قال أبي بن حيمود:
مابون أو مجهول حال أغلف == فبالثلاث مطلقا لا تقتفوا
وقال الغوث:
العبد والخصي ومجهول الأب == وولد الزنا فلا ترتب
وَجَـازَت إمامة عِـنِّيـن وهو صغير الذكر جدا بحيث لا يتأتى معه الجماع وَأَعْـمَى لكن إمامة البصير المساوي في الفضل للأعمى أفضل، قال بعضهم:
وجاز أعمى والبصير أفضل == وقيل سيان وقيل الأول
أَلْـكَـنُ وهو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها لعجمة أو غيرها. مُـجَـذَّمٌ أي قام به داء الجذام إن خَـفَّ لا إن كان جذامه شديدا فلينح وجوبا عن الامامة وكذا عن الجماعة. وَهَـذَا الذي ذكرنا في أحكام صلاة الجماعة وشروط الإمام هو الْـمُمْكِنُ أي اللائق بهذا الكتاب الموضوع للمبتدئ المبني على الاختصار، فمن اراد أكثر فليطالع المطولات.
وكان مصدر هذا التدريس : تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ المفتي العام للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،جزاه الله عنا خيرا ، والشرح الكبير للعلامة ميارة على هذا النظم .
وكتب العبد الفقير إلى ربه الغني به عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، ورحم الله عبدا قال آمين.