الدرس التاسع والثلاثون من سلسلة دروس لامية الأفعال مع احمرار الحسن بن زين.
إعداد الأستاذ عبد الله بن محمدن
الله المستعان، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
قال ابن مالك
لفاعل اجعل فِعالا أو مفاعلة == وفعلة عنهما قد ناب فاحتملا
يعني أن فاعل لها مصدران قياسيان أولهما: الفعال والثاني المفاعلة، كقاتل قتالا ومقاتلة وخاصم خصاما ومخاصمة. وظاهر كلامه أن كلا من المصدرين مقيس والذي لسيبويه أن المقيس إنما هو المفاعلة وحدها لأنهم يأتون بالمفاعلة دون الفعال، وتنفرد المفاعلة غالبا فيما فاؤه ياء كياسر، ولا ياتي فيه الفعال، لاستثقال الكسرة على الياء إلا ما ندر مما حكاه ابن سيده، من قولهم يوامًا ومُياومة.
وقوله وفعلة عنهما …الخ يعني بها أن فعلة تنوب عن الفعال والمفاعلة كمرية والقياس مراء ومماراة، وظاهر المصنف هنا أن فعلة مصدر حقيقي والمشهور أنها اسم مصدر لا مصدر، وكذلك من المصادر السماعية لفاعل الفيعال كضيراب من ضارب ولم يذكرها الناظم.
قال في الطرة:
(لـمقيس مصدر فاعَل اجعل فِعالا أو مفاعلة، وهو اللازم عند سيبويه لامتناع الأول في جالَس وفيما فاؤه ياءٌ كـ:يامَن وياسَر، وشذ: ياومه يِوامًا كقتال ومقاتلة وضراب ومضاربة، وقد يمد كضِيراب
وفِعلةٌ عنهما قد ناب فاحتُمل؛ كـ: ماراه مِراءً ومُماراةً ومِرية)
ثم قال الناظم:
ما عينُه اعتلت الإفعال منه والاســــ==ـــتفعال بالتا وتعويضٌ بها حصلا
من المزال وإن تلحق بغيرهما == تبنْ بها مرة من الذي عملا
ثم شرع في ذكر قياس مصدر افعل واستفعل، فأفعل هو النوع السابع من المزيد فيه وقد اهمل الناظم ذكر مصدره كما تقدم، وهو نوعان: ما كان منها صحيح العين وقياس مصدره الإفعال كأكرم إكراما، وما كان معتل العين منها فالمصدر منه على قياس نظيره من الصحيح بزيادة تاء التانيث، عوضًا عن عين الكلمة المحذوفة لعلة تصريفية، كأعان إعانة، فأصلها إعواناً فنقلت حركة الواو الى الساكن قبله فانقلبت الفا لانفتاحها في الاصل وتحرك ما قبلها الآن فاجتمع الفان، الالف المبدلة وألف الإفعال، فحذفت الف الإفعال فصارت إعانا واستقاما فزيدت تاء التانيث عوضا عن المحذوف، فصارا إقامة.
أما الاستفعال فهو مصدر السداسي المبدوء بهمزة الوصل وقد سبق بيان ذكر مصدره وهو كسر ثالثه ومد ما قبل آخره إن كان صحيح العين، أما إذا كان معتلها فهو على قياس نظيره من الصحيح مع حذف العين من مصدره كما وقع في الإفعال، وقد اختلف النحاة في المحذوف من الالفين فعند سيبويه والخليل انه الالف المزيدة قبل الآخر للدلالة على المصدر، مستدلان بأن حذف الزائد اولى من حذف الأصل، وعند الاخفش والفراء بالعكس، مستدلين بأن حذف حركة العلة اولى من حذف حرف زائد للدلالة على معنى، ليلا تفوت الدلالة بحذفه، وقد تحذف هذه التاء نادرا، كقوله تعالى: {وإقام الصلاة}، واستنار البدر، وإلى ذلك أشارالناظم في الخلاصة بقوله:
وغالبا ذا التا لزم :: …..
ثم اشار الناظم الى بناء المرة مما زاد على الثلاثة ولم يتعرض للهيئة منه لأنها شاذة فيه فقال: وإن تلحق بغيرهما …..الخ، أي إذا الحقت هذه التا بمصدر غير الإفعال والاستفعال في حالة اعتلال العين منهما فإنها تدل على المرة الواحدة من المصدر المصوغ منه كاستخرج استخراجة لكن بشرط أن لا تكون في المصدر تاء ملازمة له، والا فالدلالة على المرة إنما تكون بالوصف كما يأتي.
قال في الطرة:
(ما عينه من أفعل واستفعل اعتلت؛ أي أُعِلَّت الإفعال منه والاستفعال بالتا غالبا؛ كالإقامة والاستقامة، بخلاف الإكرام والإعطاء والاستخراج والاستدعاء والإغيام والاستحواذ، وبخلاف افتعل وانفعل؛ كالاقتدار والاعتداء والارتداء والارتواء والانطواء والانطلاق والانجياب. ومن غير الغالب: إقامُ الصلاة واستنار البدر. وهل لابد من الاضافة عوضا عن التاء ام لا وسمع اريته إراء
وتعويض بها حصل من الألف المزال؛ وهو الزائد كما لـ: س والخليل؛ لأن الأصلي أولى بالبقاء، أو بدل العين كما للفراء والأخفش؛ لأنه العارض؛ ولأن الزائد دال على معنى المصدر فبحذفه تفوت الدلالة عليه. وإن تلحق بغيرهما من المصادر المقيسة لا غيرها ككذاب وتملاّق تبن بها مرة من الذي عمل؛ كإحسانة وانطلاقة واستخراجة ودِحراجة وتسليمة وتعليمة.)
وأما إذا كانت التاء ملازمة له فقد أشار إليه بقوله:
ومرة المصدر الذي تلازمه == بذكر واحدة تبدوا لمن عقلا
أي أن المصدر الذي تلازمه التاء وهو هنا عام في كل ملازم للتاء مما تقدم، فالمرة منه إنما تكون بوصفه بواحدة، كدحرج الكرة دحرجة واحدة، وأعانه إعانة واحدة، واستقمت استقامة واحدة وعلى هذا فمن جعل الفِعلاٍل مقيسا أجاز إلحاق التاء به في الدلالة على المرة، ولاتلحق تاء المرة هذه الا المقيس من المصادر لا السماعي وعليه فلا نقول مثلاً تملّق تِملاقة،
قال في الطرة:
(وأما إن ألحقت بهما أو بمقيس غيرهما غير طارئة كمقاتلة ودَحرجة، أو بشاذ كمِرية وقشعريرة، أو بُني عليها مصدر الثلاثي كرحمة ورغبة وحمية ونشدة وظرافة وسهولة، فتحتَ قوله: ومرة المصدر الذي تلازمه التاء تبدو لمن عقل بذكر واحدة؛ كإقامة واحدة … الخ
وتعرف الهيئة من ثلاثي تلازم مصدره التاءُ بالقرينة لا بالفِعْلة بالكسر؛ كرحمة كاملة أو نوعا الرحمة، وحمية مانعة أو نوعا منها، ونظافة وسهولة كذلك.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليما.