إعداد الأستاذ محمد عالي بن امد.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
الله المستعان
وقد تزاد لازما: كاللات == والآن والذين ثم اللات
ولاضطرار: كبنات الأوبر == كذا وطبت النفس يا قيس السري
ذكر المصنف هنا أن الألف واللام تأتي زائدة والزائدة على قسمين لازمة وغير لازمة.
ثم مثل الزائدة اللازمة باللات وهو اسم صنم كان بمكة وبالآن وهو ظرف زمان مبني على الفتح، واختلف في الألف واللام الداخلة عليه فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور، كما في قولك: مررت بهذا الرجل لأن قولك الآن بمعنى هذا الوقت وعلى هذا لا تكون زائدة، وذهب قوم منهم المصنف إلى أنها زائدة، وهو مبني لتضمنه معنى الحرف وهو لام الحضور.
ومثل أيضا بالذين واللات، والمراد بهما ما دخل عليه أل من الموصولات، وهو مبني على أن تعريف الموصول بالصلة، فتكون الألف واللام زائدة، وهو مذهب قوم واختاره المصنف، وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول ب “أل” إن كانت فيه نحو الذي فإن لم تكن فيه فبنيتها نحو من وما، إلا أيا فإنها تتعرف بالإضافة فعلى هذا المذهب لا تكون الألف واللام زائدة وأما حذفها في قراءة من قرأ: {صراط لذين أنعمت عليهم} فلا يدل على أنها زائدة إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا وإن كانت معرفة كما حذفت من قولهم: سلام عليكم من غير تنوين يريدون السلام عليكم.
وأما الزائدة غير اللازمة فهي الداخلة اضطرارا على العلم كقولهم في بنات أوبر علم لضرب من الكمأة: بنات الأوبر ومنه قوله:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا … ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
والأصل بنات أوبر فزيدت الألف واللام وزعم المبرد أن بنات أوبر ليس بعلم فالألف واللام عنده غير زائدة ومنه الداخلة اضطرارا على التمييز كقوله:
رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو
والأصل: وطبت نفسا فزاد الألف واللام، وهذا بناء على أن التمييز لا يكون إلا نكرة وهو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى جواز كونه معرفة، فالألف واللام عندهم غير زائدة وإلى هذين البيتين أشار المصنف بقوله: “كبنات الأوبر” وقوله: “وطبت النفس يا قيس السري”.
وبعض الأعلام عليه دخلا == للمح ما قد كان عنه نقلا
كالفضل والحارث والنعمان== فذكر ذا وحذفه سيان
ذكر المصنف فيما تقدم أن الألف واللام تكون معرفة وتكون زائدة، وقد تقدم الكلام عليهما، ثم ذكر هنا أنها تكون للمح الصفة، والمراد بها الداخلة على ما سمي به من الأعلام المنقولة، مما يصلح دخول أل عليه كقولك في حسنٍ: الحسن وأكثر ما تدخل على المنقول من صفة، كقولك في حارثٍ: الحارث، وقد تدخل على المنقول من مصدر كقولك في فضلٍ: الفضل، وعلى المنقول من اسم جنس غير مصدر كقولك في نعمان: النعمان وهو في الأصل من أسماء الدم، فيجوز دخول أل في هذه الثلاثة نظرا إلى الأصل وحذفها نظرا إلى الحال، وأشار بقوله: “للمح ما قد كان عنه نقلا” إلى أن فائدة دخول الألف واللام الدلالة على الالتفات إلى ما نقلت عنه من صفة أو ما في معناها.
فإذا أريد بالمنقول التسمية به تفاؤلا بمعناه أتي بالألف واللام للدلالة على ذلك كقولك: الحارث نظرا إلى أنه إنما سمي به للتفاؤل وهو أنه يعيش ويحرث و كذا كل ما دل على معنى وهو مما يوصف به في الجملة كفضل ونحوه.
وإن لم يرد هذا ونظر إلى كونه علما لم تدخل الألف واللام بل تقول: فضل وحارث ونعمان، فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما فليستا بزائدتين خلافا لمن زعم ذلك وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما هو ظاهر كلام المصنف بل الحذف والإثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما وهو أنه إذا لمح الأصل جيء بالألف واللام وإن لم يلمح لم يؤت بهما .
وقد يصير علما بالغلبه == مضاف أو مصحوب أل كالعقبه
وحذف أل ذي إن تناد أو تضف == أوجب وفي غيرهما قد تنحذف
يعني أن من أقسام الألف واللام كونها للغلبة نحو: المدينة والكتاب، فإن حقهما الصدق على كل مدينة وكل كتاب، لكن غلبت المدينة على مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والكتاب على كتاب سيبويه رحمه الله تعالى، حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما.
وحكم هذه الألف واللام أنها لا تحذف إلا في النداء أو الإضافة نحو يا صعق في الصعق ، وهذه مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد تحذف في غيرهما شذوذا سمع من كلامهم هذا عيوق طالعا والأصل العيوق وهو اسم نجم وقد يكون العلم بالغلبة أيضا مضافا كابن عمر وابن عباس وابن مسعود، فإنه غلب على العبادلة دون غيرهم من أولادهم، وإن كان حقه الصدق عليهم لكن غلب على هؤلاء حتى إنه إذا أطلق ابن عمر لا يفهم منه غير عبد الله، وكذا ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وهذه الإضافة لا تفارقه لا في نداء ولا في غيره نحو يا ابن عمر.
قال محيي الدين: وقدامي العلماء يرون باب النحت مقصورا على ما سمع منه عن العرب وهو من تحجير الواسع، فتدبر هذا، ولا تكن أسير التقليد، وانظر القسم الاول من كتابنا دروس التصريف.
فصل مدلول الإعراب
مدلول الاعراب للاسم فانتبه = ما كان عمدة أو الفضلةَ به
أو بين ذين ولعمدة وجب == رفع وغير عمدة قد انتصب
يعني أن الحركات التي هي مدلول إعراب الاسم كما مر، هي ما يكون بهما العمدة أو الفضلةَ وما بينهما، فالعمدة المبتدأ والخبر والفاعل ونائبه ومشبه به، وهل أصلها المبتدأ أو الفاعل أو كلاهما أصل أقوال، والفضلة هي: المفعول المطلق، والمقيد وهو المفعول به وفيه وهو المسمى ظرفا والمفعول معه والحال والتمييز والمستثنى وشبه المفعول، وما بين العمدة والفضلة هو المضاف إليه والمجرور بحرف.
قوله: ولعمدة وجب رفع يعني أن العمدة لما كان الاهتمام بها أشد من الاهتمام بغيرها أعطيت الرفع الذي علامته الأصلية الضمة لكونها أظهر الحركات لأن مخرجها من بين الشفتين.
قوله: وغير عمدة قد انتصب” يعني أنه لأنه لما جعلت الضمة للعمدة والكسرة للمتوسط كما سياتي تعينت الفتحة للفضلة.
منصوب كان، إن، ظن، ملحق= بها، وللثالث خفضا حققوا
قوله منصوب كان، إن، ظن، ملحق بها نبه به إلى أن هذه الأسماء التي ذكرملحقة بالفضلة وإن كان أصل الأول والأخيرين الخبر وأصل الثاني المبتدأ. قوله: “وللثالث خفضا حققوا” يعني أن ما بين الفضلة والعمدة يجب له الخفض الذي علامته الأصلية الكسرة وهي متوسطة بين الخفة والثقل فناسبته لأنه متوسط.
وبهذا الدرس يكمل الثمن الأول من أثمان الألفية، فالحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات، وهو المستعان على إكمالها على أحسن حال بفضله وكرمه وحسن عونه إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .
طرر الأبيات
{وقد تزاد} زيدا {لازما} وزيدا غير لازم فالأول في علم قارنت وضعه {كاللات} والعزى، واليسع والسموأل {و} في اسم الإشارة وفاقا للزجاج كـ{الآن و} في الموصول كـ{الذين ثم اللات} وقيل هي جزء من الكلمة.
{و} الثاني إما {لاضطرار كـ}ـقوله:
ولقد جَنْيتك أَكْمُؤاً وعَسَاقلاً ولقد نَهَيتك عن {بناتِ الأوبرِ}
{كذا} قوله:
رأيـتـك لما أن عرفت وجــوهــنا = صددت {وطبت النفس يا قيس} عن عمرو
{السري} أي الشريف، ويلحق بذلك ما زيدت فيه شذوذا نحو ادخلوا الأول فالأول وقرئ ]ليخرجن الأعز منها الأذل[ وقوله:
دمت الحميد فما تنفك منتصرا= على العدى في سبيل المجد والكرم
{وبعض الاعلام عليه دخلا} أل {للمح} الأصل {ما} أي الذي {قد كان} ذلك البعض {عنه نقلا} وأكثر وقوع ذلك في المنقول عن وصف، وقد يقع في المنقول عن مصدر واسم عين وذلك. {كالفضل والحارث والنعمان= فذكر ذا وحذفه سيان} بالنسبة إلى التعريف، والباب كله سماعي، ولا يجوز ذلك في محمد وصالح ومعروف ولا في نحو يزيد ويشكر، وأما قوله:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا= شديدا بأعباء الخلافة كاهله
فضرورة ، والبدلية في نحو ما يحسن بالرجل خير منك أو مثلك أولى من النعت والزيادة.
{وقد يصير علما بالغلبه مضاف} كالعبادلة {أو مصحوب أل كالعقبة} والمدينة.
{وحذف أل ذي إن تنادي أو تضف أوجب} كيا أعشى وجاء أعشى باهلة وقال:
ألا أبلغ بني خلف رسولا … أحقا أن أخطلكم هجاني
{وفي غيرهما قد تنحذف} سمع هذا عيُّوقُ طالعا، وهذا يوم اثنين مباركا فيه وقوله:
إذا دبرانٌ منك يوما لقيته= أؤمل أن ألقاك يوما بأسعد
فصل مدلول الإعراب
{مدلول الإعراب} أي الحركات {للاسم فانتبه ما كان عمدة} وهي المبتدأ والخبر والفاعل ونائبه ومشبه به، وهل أصلها المبتدأ أو الفاعل أو كلاهما أصل أقوال {أو الفضلةَ به} وهي المفعول المطلق والمقيد والحال والتمييز والمستثنى وشبه المفعول.
{أو بين ذين} وهو المضاف إليه والمجرور بحرف {ولعمدة وجب رفع} لأن الاهتمام بها أشد من الاهتمام بغيرها فأعطيت ما علامته الأصلية الضمة لكونها أظهر الحركات لأن مخرجها من بين الشفتين. {وغير عمدة قد انتصب} وجوبا لأنه لما جعلت الضمة للعمدة والكسرة للمتوسط تعينت الفتحة للفضلة.
{منصوب كان، إن، ظن، ملحق بها} أي الفضلة. {وللثلاث خفضا حققوا} لأن الكسرة متوسطة بين الخفة والثقل.