بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
درسنا اليوم هو الدرس التاسع والثلاثون من :سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.
( فَصْلٌ ) {يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ ، وَإِنْ بِنَوْمٍ ، أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ وَلَمْ يَغْتَسِلْ ، لا بِلَا لَذَّةٍ ، أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ ، وَيَتَوَضَّأُ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى ، وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ . وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ ، لَا مُرَاهِقٍ ، أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجٍ ، وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيْتٍ . وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ .كَصَغِيرَةٍ .وَطِئَهَا بَالِغٌ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ ، وَبِغَيْرِهِ ، لَا بِاسْتِحَاضَةٍ ، وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ }
—————————————-
فصل : عقده لموجبات الغسل وواجباته وسننه ومندوباته،
غسل الجنابة وحج ونكاح == بقي من دين الحنيف ذي النجاح
وهو بفتح الغين وضمها نقله القباب عن الأصمعي، وذكر الحطاب أن الأشهر أنه بالضم اسم للفعل وبالفتح اسم للماء وقيل بالعكس.
(تنبيه) : اعلم أنه مرغب في تعجيل غسل الجنابة لأنه ينشط الأعضاء، وتأخيره يورث الوسوسة ويمكن الخبث من النفس.
{يَجِبُ غَسْلُ} جميع {ظَاهِرِ الْجَسَدِ} ومنه تكاميش الدبر والأنثيين ولذلك يجب استرخاؤه بخلاف قاضي الحاجة فيندب.
قال بعضهم:
وتابع الشقوق والأعكانا == وتابعن ما غار حيث كانا
وإن تكن في غسله مشقه == فعمه بالماء وادلك فوقه.
{ بِمَنِيٍّ } أي بسبب خروجه ، والمنصوص في الرجل أنه لا يجب عليه الغسل حتى يبرز المني عن الذكر وبذلك جزم الأبي في شرح مسلم، والبكر لا يلزمها حتى يبرز عنها لأن داخل فرجها كداخل الإحليل ، وعند سند أن الثيب يكفيها أن تحس بالمني لأنه ينعكس للرحم.
قال بعضهم:
المني عن محله إن انفصل == فعند عبد الباقي منه يغتسل
لو لم يكن برز للعيان == واشترط البروز للبناني
في البكر والرجل باتفاق == وسند مخالف في الباقي
أي ثيبٍ فقال يكفي أن تحس == لأنه لرحم قد ينعكس
محمد مولود “آد”:
وواجب على النسا بواصل == من مائهن لمحل ينجل
من جلسة البول وقيل يكفي == إحساسهن بنزول الضعف.
هذا حيث خرج يقظة بل {وَإِنْ} خرج {بِنَوْمٍ} حيث عقل القصة ووجد البلل اتفاقا ، بل ولو لم يعقلها ووجد البلل على المشهور ، للحمل على الغالب وهو خروج المني بلذة معتادة {أَوْ} خرج {بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بلاَ جِمَاعٍ، وَ} الحال أنه {لَـمْ يَغْتَسِلْ} وكذا لو اغتسل لأن غسله لم يصادف محلا، ولو قال المصنف : “أو بعد ذهاب لذة بلا جماع ولو اغتسل…” لكان أحسن وأبين . ويمكن تصويره فيكون صوابا : بأن ألتذ بلا جماع وخرج منه بعض المني فأغتسل ثم خرج الباقي . وقيل لا يجب الغسل لعدم مقارنة اللذة للخروج {لا} إن خرج {بِلاَ لَذَّةٍ،} كضرب ، أو لدغ عقرب في يقظة ، وأما في النوم فقال أبي بن حيمود الجكني:
من يمن في النوم للدغ عقرب == ونحوه فلتتا لم يجنب
ومثله الحطاب والميسر== والشيخ الاجهوري عنه يذكر
إجنابه والمصطفى اصطفاه == وضعف المسناوي مُصطفاه
وقال إن الفرع لا نص به == والأحوط الغسل لدى المنتبه.
{أَوْ}خرج بلذة {غَيْرِ مُعْتَادَةٍ،} كحك جرب ، ونزول في ماء حار ، أو هز رحل ، خلافا لسحنون واللخمي، وقيل إن حس بمبادئ اللذة واستدام
وجب عليه الغسل اتفاقا. {وَيَتَوَضَّأُ} وجوبا ، وقيل ندبا ، وبقي علي المصنف ذكره في نواقض الوضوء. {كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى} فلا غسل عليه لأن الجنابة الواحدة لا يتكرر لها الغسل ، ولكن يتوضأ ، وكذا مَن جومعت في الفرج واغتسلت ثم خرج مني الرجل من فرجها لأنه معتاد ، وأما إن جومعت في غير الفرج ودخل المني في فرجها وخرج بعد ذلك فلا وضوء عليها لأنه غير معتاد {وَلاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ،} وحاصله : أنه إذا جامع واغتسل قبل خروج منيه وصلى فخرج منيه فإنه وإن وجب عليه الوضوء لا يعيد تلك الصلاة التي صلاها قبل خروج المني ، ومثل هذا ما إذا التذ بلا جماع وصلى ثم خرج منيه فإنه وإن وجب غسله لكن لا يعيد تلك الصلاة التي صلاها قبل خروج المني.
{وَ}يجب الغسل {بِـ}ـسبب{مَغِيبِ} جميع {حَشَفَةِ} أي رأس ذكر {بَالِغٍ} طوعا أو كرها ، بإنعاظ أم لا ، تحقيقا أو شكا ما لم يكن موسوسا، لا مغيب بعضها ولو ثلثاها ، وكذا يجب الغسل أيضا على المرأة الْمُغَيَّبِ فيها رأس الذكر . {لاَ مُرَاهِقٍ} وهو من قرب بلوغه ، وكذا موطوءته ما لم تنزل. {أَوْ قَدْرِهَا.} أي قدر الحشفة من مقطوعها ، أو مطويها ، أو مَن لم تخلق له أصلا {فِـي} أصل {فَرْجٍ} متعلق بمغيب ، قبل أو دبر ، لا في سواه ولا بين شفرتيه. {وَإِنْ مِنْ بَهِيـمَةٍ} وكذا يجب على المرأة الغسل بذكر البهيمة ولو غير بالغ لأنها تنال منه كامل اللذة ، بخلاف ذكر الصبي. {وَمَيْتٍ.} وأما مَن غيبتْ في فرجها حشفة ميت فلا غسل عليها ما لم تنزل. {وَنُدِبَ}الغسل{ لِـمُرَاهِقٍ} وكذا موطوءته إن لم تنزل {كَصَغِيرَةٍ} مأمورة بالصلاة {وَطِئَهَا بَالِغٌ} لا مراهق، والحاصل أن الصور أربع: بالغان، وبالغ وصغيرة، وصغير وكبيرة، وصغيران، ونظم الخلاف في وجوب الغسل عليهم وندبه محمد بن عبد القادر ابن محمد سالم بقوله:
إن وطئ الكبيرةَ الكبير == فالغسل واجب ولا نكير
والغسل مندوب لغير البالغين == غير مراهقين أو مراهقين
وفي الدسوقي اختصاص الندب == به فلا تُلغ مقال الكتب
وإن تكن بالغة وصغرا == خص بندب الغسل فيما اشتهرا
وعكس ذا الغسل عليه يجب == بالاتفاق وبه لا تطلب
لدى ابن رشد والإمام أشهب == قال لها يندب وهو المذهب
هذا الذي حوى ثمان الدرر== وكم حوى من لؤلؤ ودُرر
{لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ} من وطء في غيره كوطء الفخذين {وَلَوْ الْتَذَّتْ} خلافا للباجي والتونسي ، ما لم تحمل فإن حملت اغتسلت وأعادت الصلاة فهذا مشهور مبني على ضعيف.
قال بعضهم:
من وطئت في غير فرج ووصل == منيٌ لفرجها فلا نقض حصل
ما لم يكن حمْلٌ وحيث حصلا == فيجب الغسل أعادةُ الصَّلا .
الصلا : أي الصلاة.
وأما إن وصل للفرج من غير وطء كإن جلست على ثوب فيه مني رجل وابتلعه رحمها فلا غسل عليها ، وإن كان الحمل يستلزم إمناءها لكنه هنا قد خرج بلذة غير معتادة.
{وَ} يجب الغسل {بـ} انقطاع {حَيْضٍ} ولو كان قطرة {وَنِفَاسٍ بِدَمٍ،} ولو قال ولو بلا دم لكان أحسن { وَاسْتُـحْسِنَ} أي عند ابن عبد السلام والمؤلف {وَبِغَيْرِهِ}وهذا يسمى عطف التلقين وهو أن يأتي المؤلف بقول غيره ويعطفه على قوله { لاَ بِاسْتِـحَاضَةٍ ، وَنُدِبَ لاِنْقِطَاعِهِ}أي دم الإستحاضة
وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه ووالديه ، و رحم الله من قال ءامين.
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين .